كتاب طبقات الشافعية لابن قاضى شهبة (اسم الجزء: 3)

حَافظ الْعَصْر أحد من اعتنى بالفقه وتحصيله وَتَقْرِيره وَحفظه وتحقيقه وتحريره وَكَانَ كثير الِاطِّلَاع صَحِيح النَّقْل عَارِفًا بالدقائق والغوامض مَعْرُوفا بِحل المشكلات مَعَ فهم صَحِيح وَسُرْعَة إِدْرَاك وقدرة على المناظرة برياضة وَحسن خلق وانتهت إِلَيْهِ رئاسة الْمَذْهَب وَشهد لَهُ الإِمَام شرف الدَّين قَاسم خطيب جَامع جراح وَكَانَ من الْمشَار إِلَيْهِم بالفقه أَنه فَقِيه الْمَذْهَب وَلذَلِك قَالَ القَاضِي تَاج الدَّين لِأَخِيهِ الشَّيْخ بهاء الدَّين عَنهُ إِنَّه فَقِيه الشَّام وَكَانَ يُقَال فُقَهَاء الْمَذْهَب ثَلَاثَة هُوَ أحدهم وخاتمهم وَكَانَ فَارغًا عَن طلب الرِّئَاسَة فِي الدُّنْيَا لَيْسَ لَهُ شغل وَلَا لَذَّة إِلَّا فِي الِاشْتِغَال فِي الْعلم والمطالعة وَلَا يتَرَدَّد إِلَى أهل الدولة وَله أوراد لَا يخل بهَا من الصَّلَاة وَالْقِرَاءَة والمواظبة على صَلَاة الْجُمُعَة بالجامع الْأمَوِي مَعَ بعد دَاره عَنهُ لَا يخل بذلك يَأْتِيهِ مَاشِيا وَلَو كَانَ مطر أَو وَحل وَلَا يخرج من بَيته إِلَّا على طَهَارَة وَيُحب التَّوسعَة على أَهله وَعِيَاله فِي النَّفَقَة لَا يجمع مَالا وَلَا يدخره وَمَات وَلم يخلف شَيْئا سوي ثِيَاب بدنه وَلَا يحْسد أحدا ويجانب الشَّرّ مَا اسْتَطَاعَ وَكَانَ محببا إِلَى النَّاس وَكَانَ مَعَ فهمه وذكائه لَا يعرف صنجة عشرَة من عشْرين وَلَا دِرْهَم من دِرْهَمَيْنِ وَلَا يحسن براية قلم وَلَا تكوير عِمَامَة توفّي فِي صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَدفن بمقبرة الصُّوفِيَّة بطرفها الغربي إِلَى جَانب ابْن الصّلاح بَينه وَبَين السهروردي مدرس القيمرية

الصفحة 151