كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 3)
أراد: ما تغتمض؛ لأن (لم تغتمض) في موضع الحال، و (لم) لنفي الماضي، فالمناسبة لنفي الحال (ما) الموضوعة لذلك. وقال الآخر:
* أجلدك لن ترى بثعيلباتٍ *
أراد: ما ترى؛ لأن (لن) لا تنفي الحال، فهي إذًا في موضع (ما) النافية للحال، هذا كله من وقوع حرف المعنى عوض حرف المعنى على الجملة، وقد عوضوا الحرف من الاسم والفعل/ والجمل، والكلام في ذلك يطول، وكله تصرف في الحرف؛ لأنه إذا عوض من شيء فقد وقع التصرف فيه، كما أنه إذا عوض منه حرف مثله فذلك أيضًا تصرف فيه، لكن مثل هذا لا يعد تصرفًا يوازن تصرف الأفعال.
وإذا أردت الاطلاع على وقوع الحرف موضع غيره، فطالع كتاب "التعاقب" لابن جني، ففيه شفاء الغليل، وإذا كان كذلك حصل الأنس بوقوع بعض حروف الجر موقع بعٍض لوجود النظائر.
والجواب عن الثاني: أن الناظم يمكن أن يكون قصد تخصيص بعض المواضع الممكن فيها القياس لا جميع المواضع، وذلك أن وقوع الباء في موضع أحد هذه الأحرف على ضريين:
أحدهما: ما لا يصح فيه القياس، وذلك ما لا يرتبط إلى قياٍس مخصوص، ولا موضٍع معلوٍم من المواضع التي تقع فيها تلك الأحرف، فهذا لا يصح أن تجري فيه الباء مجراهن؛ إذ يلزم أن تساويهن في الاستعمال، وقد فرضناها فرعًا