كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 3)
لَمْ (يَكُنِ) (¬1) (الضَّرْبُ وَالسَّجْنُ) (¬2) بِالتُّهَمِ لَتَعَذَّرَ اسْتِخْلَاصُ الْأَمْوَالِ مِنْ أَيْدِي السرَّاق، والغصَّاب، إِذْ قَدْ يَتَعَذَّرُ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ، فَكَانَتِ الْمَصْلَحَةُ فِي التَّعْذِيبِ وسيلة إلى التحصيل بالتعيين (أو) (¬3) الإقرار.
فَإِنْ قِيلَ: هَذَا فَتْحُ بَابِ (تَّعْذِيبِ) (¬4) الْبَرِيءِ. (قِيلَ) (¬5): (فَفِي) (¬6) الْإِعْرَاضِ عَنْهُ إِبْطَالُ اسْتِرْجَاعِ الْأَمْوَالِ، بَلِ الْإِضْرَابُ عَنِ التَّعْذِيبِ أَشَدُّ ضَرَرًا، إِذْ لَا يُعَذَّبُ أَحَدٌ (لِمُجَرَّدِ) (¬7) الدَّعْوَى، بَلْ مَعَ اقْتِرَانِ (قَرِينَةٍ) (¬8) تَحِيكُ فِي النَّفْسِ، وَتُؤَثِّرُ فِي الْقَلْبِ نَوْعًا مِنَ الظَّنِّ؛ فَالتَّعْذِيبُ ـ فِي الْغَالِبِ ـ لا يصادف البريء، وإن أمكن مصادفته (فمغتفر) (¬9)، كما اغتفر فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ.
فَإِنْ قِيلَ:/ لَا فَائِدَةَ (فِي الضَّرْبِ) (¬10)، وَهُوَ لَوْ أَقَرَّ لَمْ يُقْبَلْ إِقْرَارُهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ.
فَالْجَوَابُ: إِنَّ لَهُ فائدتين (¬11):
أحدهما: أَنْ يُعَيِّنَ الْمَتَاعَ، فَتَشْهَدُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ لِرَبِّهِ، وَهِيَ/ فَائِدَةٌ ظَاهِرَةٌ.
وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ غَيْرَهُ قَدْ يَزْدَجِرُ حَتَّى لَا يَكْثُرَ الْإِقْدَامُ/ فَتَقِلَّ أَنْوَاعُ هَذَا الْفَسَادِ.
/وَقَدْ عَدَّ لَهُ سَحْنُونُ (¬12) فَائِدَةً ثالثة: وهو الإقرار حالة التعذيب؛
¬_________
(¬1) في (غ) و (ر): "يثبت".
(¬2) في (ر): كتبت هكذا: (السجنخ والضربق) إشارة إلى تقديم كلمة (الضرب) على كلمة (السجن).
(¬3) في (ط) و (خ): "و".
(¬4) في (ط): "التعذيب". وفي (ت): "لتعذيب".
(¬5) ما بين القوسين ساقط من (غ).
(¬6) في (ت): "في".
(¬7) في (غ) و (ر): "بمجرد".
(¬8) في (غ) و (ر): "تهمة".
(¬9) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "فتغتفر".
(¬10) في (غ) و (ر): "للضرب".
(¬11) في (ت): "فائدتان".
(¬12) هو: فقيه المغرب أبو سعيد، عبد السلام بن حبيب بن حسان التنوخي تقدمت ترجمته.
الصفحة 21