كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 3)

وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ نَصَّ عَلَيْهَا الْغَزَالِيُّ فِي مَوَاضِعَ من كتبه (¬1)، وَتَلَاهُ فِي تَصْحِيحِهَا ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ (¬2) لَهُ، وَشَرْطُ جَوَازِ/ ذَلِكَ كُلِّهِ عِنْدَهُمْ عَدَالَةُ الْإِمَامِ، وَإِيقَاعُ التَّصَرُّفِ فِي أَخْذِ الْمَالِ (وإعطائه) (¬3) على الوجه المشروع (والله أعلم) (¬4).
الْمِثَالُ السَّادِسُ:
أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ أَرَادَ أَنْ يعاقب بأخذ المال على بعض الجنايات (¬5)، فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ، حَسْبَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ (¬6).
عَلَى أَنَّ الطَّحَاوِيَّ حَكَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَ فَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَنْعِهِ (¬7).
فَأَمَّا الْغَزَالِيُّ فَزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ/ قَبِيلِ الْغَرِيبِ الَّذِي لَا عَهْدَ بِهِ/ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَا يُلَائِمُ تَصَرُّفَاتِ الشَّرْعِ، مَعَ أَنَّ هَذِهِ الْعُقُوبَةَ الْخَاصَّةَ لَمْ تَتَعَيَّنْ، لِشَرْعِيَّةِ الْعُقُوبَاتِ الْبَدَنِيَّةِ بِالسِّجْنِ وَالضَّرْبِ (وَغَيْرِهِمَا) (¬8).
قَالَ:/ فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ شَاطَرَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فِي مَالِهِ، حَتَّى أَخَذَ رَسُولُهُ (فَرْدَ) (¬9) نَعْلِهِ وَشَطْرَ عِمَامَتِهِ (¬10).
قُلْنَا: الْمَظْنُونُ مِنْ عُمَرَ أَنَّهُ لَمْ يَبْتَدِعِ الْعِقَابَ بِأَخْذِ الْمَالِ عَلَى خِلَافِ الْمَأْلُوفِ مِنَ الشَّرْعِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِعَلَمِ عُمَرَ (باختلاط ماله) (¬11) بالمال/ المستفاد من الولاية وإحطاته بتوسعته (ولعله سبر) (¬12) المال فرأى شطر ماله
¬_________
(¬1) انظر: المستصفى (1 303 ـ 304).
(¬2) أحكام القرآن (1/ 460).
(¬3) ساقط من (ت).
(¬4) ما بين القوسين زيادة من (غ) و (ر).
(¬5) هكذا في (ط) و (م) و (غ) و (ر)، وعلق رشيد رضا فقال: ينظر أين جواب (لو)، وما موقع الفاء في قوله (فاختلف العلماء).
(¬6) انظر: شفاء الغليل (1 243).
(¬7) انظر: شرح معاني الآثار (3 145).
(¬8) ما بين القوسين ساقط من (ت).
(¬9) في (ط) و (خ): "برد".
(¬10) انظر: تاريخ ابن جرير (3 436 ـ 437).
(¬11) في (م) و (خ) و (غ) و (ر): "باختلاطهما له".
(¬12) في (ط) و (م) و (خ) و (غ) و (ر): "فلعله ضمن".

الصفحة 25