كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 3)

ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْعُقُوبَةِ فِي الْمَالِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ عَلَى حَالٍ.
وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ جِنَايَةُ الْجَانِي فِي نَفْسِ ذَلِكَ الْمَالِ أَوْ فِي عِوَضِهِ، فَالْعُقُوبَةُ فِيهِ عِنْدَهُ ثَابِتَةٌ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الزَّعْفَرَانِ الْمَغْشُوشِ إِذَا وُجِدَ بِيَدِ الَّذِي غَشَّهُ: إِنَّهُ يُتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ، قَلَّ أَوْ كَثُرَ.
(وَذَهَبَ) (¬1) ابْنُ الْقَاسِمِ (¬2)، وَمُطَرِّفٌ (¬3)، وَابْنُ الْمَاجِشُونَ (¬4) إِلَى أَنَّهُ يُتَصَدَّقُ بِمَا قَلَّ منه دون ما كثر.
وذلك محكي (نحوه) (¬5) عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَنَّهُ أَرَاقَ اللَّبَنَ الْمَغْشُوشَ بِالْمَاءِ (¬6)، وَوَجَّهَ ذَلِكَ التَّأْدِيبَ لِلْغَاشِّ، وَهَذَا التَّأْدِيبُ لَا نَصَّ يَشْهَدُ له (ولكنه) (¬7) مِنْ بَابِ الْحُكْمِ عَلَى الْخَاصَّةِ لِأَجْلِ الْعَامَّةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ، فِي مَسْأَلَةِ تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ (¬8).
¬_________
=يوسف المالكي القرطبي أبو عبد الله كان من أهل العلم والذكاء والحفظ والفهم. مات عام 419هـ. ترجمته في: الصلة لابن بشكوال (2/ 747)، والديباج المذهب (2/ 235).
(¬1) في (خ): "ذهب".
(¬2) هو عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة أبو عبد الله تلميذ الإمام مالك وعالم ديار مصر ومفتيها، تقدمت ترجمته (1 79).
(¬3) لم يحدد من هو، وفي تاريخ علماء الأندلس (11) شخصاً اسمه (مطرف)، وكلهم متقاربون في الذكر بالفقه والعلم. انظر: المصدر السابق (2 833 ـ 837).
(¬4) هو: أبو مروان عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الله الماجشون، تلميذ الإمام مالك رحمه الله، توفي سنة 213هـ وقيل سنة 214هـ، وقال المعلق على السير: (والماجشون: بكسر الجيم وفتحها وضمها، وعلى كسرها اقتصر السمعاني في الأنساب، وابن خلكان في الوفيات، والنووي في شرح مسلم، وابن حجر في التقريب، وابن فرحون في الديباج المذهب، وفي شرح الشفاء: معناه: الأبيض المشرب بحمرة، معرب (ماه كون) معناه: لون القمر. انظر: شرح القاموس (4 348). انظر: السير (10 359)، وطبقات ابن سعد (5 442)، وترتيب المدارك (2 360)، ووفيات الأعيان (3 166)، وتهذيب التهذيب (6 408).
(¬5) زيادة من (غ) و (ر).
(¬6) ذكر ابن تيمية أن مالك روى عن عمر بن الخطاب أنه طرح اللبن المغشوش بالماء، انطر: مجموع الفتاوى (28/ 115)، وذكره ابن القيم في الطرق الحكمية (ص275).
(¬7) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "لكن".
(¬8) انظر: (ص18).

الصفحة 27