كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 3)

فَاعْلَمْ أَنَّهُ مُبْتَدِعٌ (¬1).
وَهَذِهِ غَايَةٌ/ فِي الشَّهَادَةِ بِالِاتِّبَاعِ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَخْشَى عَلَيْهِ الْبِدْعَةَ ـ يعني المبغض لمالك (¬2) ـ.
وقال ابن مهدي (¬3): إِذَا رَأَيْتَ الْحِجَازِيَّ يُحِبُّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ فَاعْلَمْ أَنَّهُ صَاحِبُ سُنَّةٍ، وَإِذَا رَأَيْتَ أَحَدًا يَتَنَاوَلُهُ فَاعْلَمْ أَنَّهُ عَلَى خِلَافِ (السُّنَّةِ) (¬4).
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَحْيَى (بْنِ هِشَامٍ) (¬5): مَا سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ لَعَنَ أَحَدًا قَطُّ إِلَّا/ رَجُلَيْنِ: أَحَدُهُمَا رَجُلٌ ذُكِرَ لَهُ أَنَّهُ لَعَنَ مَالِكًا، وَالْآخَرُ بِشْرُ الْمُرَيْسِيُّ (¬6).
وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَغَيْرُ مَالِكٍ أَيْضًا مُوَافِقٌ لَهُ فِي أَنَّ أَصْلَ الْعِبَادَاتِ عَدَمُ مَعْقُولِيَّةِ الْمَعْنَى، وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي بَعْضِ التفاصيل، فالأصل متفق عليه (بين) (¬7) الْأُمَّةِ، مَا عَدَّا الظَّاهِرِيَّةَ؛ فَإِنَّهُمْ لَا يُفَرِّقُونَ بين العبادات والعادات، بل الكل تعبد غَيْرُ مَعْقُولِ الْمَعْنَى، فَهُمْ أَحْرَى بِأَنْ لَا يَقُولُوا بِأَصلِ الْمَصَالِحِ، فَضلًا عَنْ أَنْ يَعْتَقِدُوا المصالح المرسلة.
والثالث: أَنَّ حَاصِلَ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ يَرْجِعُ إِلَى حِفْظِ أَمْرٍ ضَرُورِيٍّ، وَرَفْعِ حَرَجٍ لَازِمٍ فِي الدِّينِ، وأيضاً (فرجوعها) (¬8) إلى حفظ الضروري من
¬_________
(¬1) انظر: ترتيب المدارك (1 169 ـ 170).
(¬2) المصدر السابق (1 170).
(¬3) هو: الإمام عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري، تقدمت ترجمته (1 84).
(¬4) ما بين القوسين ساقط من (غ) و (ر)، وقول ابن مهدي أخرجه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (1 25) وانظر: ترتيب المدارك (1 170).
(¬5) في (م) و (ت) و (خ) و (ر): "بن بسام"، وفي (غ) و (ر): "إبراهيم بن يحيى". فقط بدون زيادة ولم أقف له على ترجمة، ووقفت على من اسمه: إبراهيم بن يحيى بن هشام في تفسير ابن كثير في تفسير سورة النمل: الآية (15). والله أعلم.
(¬6) هو بشر بن غياث بن أبي كريمة العدوي مولاهم البغدادي المريسي تقدمت ترجمته.
(¬7) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "عند".
(¬8) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): مرجعها.

الصفحة 40