كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 3)
/فصل
وَأَمَّا الِاسْتِحْسَانُ (¬1)، فَلِأَنَّ لِأَهْلِ الْبِدَعِ أَيْضًا تَعَلُّقًا بِهِ؛ فَإِنَّ الِاسْتِحْسَانَ لَا يَكُونُ إِلَّا (بمستحسِن) (¬2)، وَهُوَ إِمَّا الْعَقْلُ أَوِ الشَّرْعُ.
أَمَّا الشَّرْعُ فَاسْتِحْسَانُهُ وَاسْتِقْبَاحُهُ قَدْ فَرَغَ مِنْهُمَا، لِأَنَّ الْأَدِلَّةَ اقْتَضَتْ ذَلِكَ، فَلَا فَائِدَةَ لِتَسْمِيَتِهِ اسْتِحْسَانًا، وَلَا لِوَضْعِ تَرْجَمَةٍ لَهُ زَائِدَةٍ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ/ والإجماع، وما ينشأ (عنهما) (¬3) مِنَ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِدْلَالِ؛ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْعَقْلُ هُوَ المستحسِن، فَإِنْ كَانَ بِدَلِيلٍ فَلَا فَائِدَةَ لِهَذِهِ التَّسْمِيَةِ، لِرُجُوعِهِ إِلَى الْأَدِلَّةِ لَا إِلَى غَيْرِهَا، وَإِنْ/ كَانَ بِغَيْرِ دَلِيلٍ/ فَذَلِكَ هُوَ البدعة التي تُستحسن.
(ويشبهه) (¬4) قَوْلُ مَنْ قَالَ فِي الِاسْتِحْسَانِ: أَنَّهُ (مَا يستحسنه) (¬5) المجتهد بعقله، ويميل إليه برأيه (¬6).
¬_________
(¬1) ذكر ابن قدامة ثلاث تعريفات للاستحسان، فقال: له ثلاثة معان: أحدها: أن المراد به العدول بحكم المسألة عن نظائرها لدليل خاص من كتاب أو سنة. الثاني: أنه ما يستحسنه المجتهد بعقله. الثالث: قولهم: الْمُرَادَ بِهِ دَلِيلٌ يَنْقَدِحُ فِي نَفْسِ الْمُجْتَهِدِ، لا يقدر على التعبير عنه. انظر: روضة الناظر (ص147) وهناك تعريفات أخرى، انظر: التعريفات للجرجاني (ص18 ـ 19)، والإحكام للآمدي (4 156 ـ 160)، والموافقات (4 205 ـ 206)، والاستصلاح لمصطفى الزرقا (ص23).
(¬2) في (م): "مستحسن". وفي (غ) و (ر): "من مستحسن".
(¬3) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "عنها".
(¬4) في (ط) و (م) و (خ): "ويشهد"، وفي (ت): "يشهد لذلك".
(¬5) في (م) و (ط): "يستحسنه".
(¬6) هذا القول هو قول أبي حنيفة، ذكره عنه السبكي في الإبهاج (3 190)، وابن قدامة في روضة الناظر (ص147).