كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 3)
الْبَابُ الثَّامِنُ
فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْبِدَعِ وَالْمَصَالِحِ المرسلة والاستحسان
هَذَا الْبَابُ يُضْطَرُّ إِلَى الْكَلَامِ فِيهِ عِنْدَ النَّظَرِ فِيمَا هُوَ/ بِدْعَةٌ وَمَا لَيْسَ بِبِدْعَةٍ؛ فإن كثيراً من الناس عدُّوا أكثر (صور) (¬1) الْمَصَالِحِ/ الْمُرْسَلَةِ (¬2) بِدَعًا، وَنَسَبُوهَا إِلَى الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَجَعَلُوهَا حُجَّةً فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ (مِنْ) (¬3) اخْتِرَاعِ الْعِبَادَاتِ.
وَقَوْمٌ جَعَلُوا الْبِدَعَ تَنْقَسِمُ بِأَقْسَامِ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ؛ فَقَالُوا: إِنَّ مِنْهَا مَا هُوَ وَاجِبٌ وَمَنْدُوبٌ، وعدُّوا مِنَ الْوَاجِبِ كَتْبَ الْمُصْحَفِ وَغَيْرِهِ، وَمِنَ الْمَنْدُوبِ الِاجْتِمَاعُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمَصَالِحَ الْمُرْسَلَةَ يَرْجِعُ مَعْنَاهَا إِلَى اعْتِبَارِ الْمُنَاسِبِ (¬4) الَّذِي لَا يَشْهَدُ لَهُ أَصْلٌ مُعَيَّنٌ، فَلَيْسَ لَهُ عَلَى هَذَا شاهد شرعي على الخصوص،
¬_________
(¬1) ما بين القوسين زيادة من (غ) و (ر).
(¬2) اختلفت تعريفات الأصوليين للمصلحة المرسلة، وأفضلها هو تعريف الشاطبي والذي سيأتي في (ص8)، والموافقات (1 16)، وانظر بقية التعريفات في المراجع التالية: المستصفى للغزالي (1 286)، وروضة الناظر (ص148)، ومعالم طريقة السلف في أصول الفقه (ص413 ـ 418)، رحلة الحج للشنقيطي (ص175)، رسالة المصالح المرسلة للشنقيطي، منهج الشنقيطي في تفسير آيات الأحكام (ص340 ـ 348)، وهي رسالة ماجستير بجامعة أم القرى إعداد عبد الرحمن السديس. وقد تكلم شيخ الإسلام ابن تيمية بكلام مهم في المصالح المرسلة والعمل بها في مجموع الفتاوى (11 342).
(¬3) في (م): كلمة غير واضحة.
(¬4) المناسب سيذكره الشاطبي مشروحاً (ص7).
الصفحة 5
520