كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 3)
وَاخْتَلَفَ (قَوْلُهُ) (¬1) فِي الرُّتْبَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ، وَهِيَ رُتْبَةُ الْحَاجِيِّ (¬2)، فَرَدَّهُ فِي/ الْمُسْتَصْفَى (¬3) وَهُوَ آخِرُ قَوْلَيْهِ، وقبله في شفاء الغليل (¬4) كَمَا قَبِلَ مَا قَبْلَهُ.
وَإِذَا اعْتُبِرَ مِنَ الْغَزَالِيِّ اخْتِلَافُ قَوْلِهِ، فَالْأَقْوَالُ خَمْسَةٌ، فَإِذًا الرَّادُّ لِاعْتِبَارِهَا لَا يَبْقَى لَهُ فِي الْوَقَائِعِ (¬5) الصَّحَابِيَّةِ مستند إلا أنها (بدع) (¬6) / مُسْتَحْسَنَةٌ ـ كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الِاجْتِمَاعِ لِقِيَامِ رَمَضَانَ: نِعْمَتِ البدعة هذه ـ إذ لا يمكنهم ردها لإجماعهم عَلَيْهَا.
وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الِاسْتِحْسَانِ فَإِنَّهُ ـ عَلَى ما (بينه) (¬7) الْمُتَقَدِّمُونَ ـ رَاجِعٌ إِلَى الْحُكْمِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ، وَالنَّافِي لَهُ لَا يَعُدُّ الِاسْتِحْسَانَ سَبَبًا، فَلَا يُعْتَبَرُ في الأحكام (الحكمة) (¬8) البتة، فصار كالمصالح المرسلة (إذ) (¬9) قِيلَ بِرَدِّهَا.
فَلَمَّا كَانَ هَذَا الْمَوْضِعُ مَزَلَّةَ قَدَمٍ لِأَهْلِ الْبِدَعِ أَنْ يَسْتَدِلُّوا عَلَى بِدْعَتِهِمْ من جهته، كان (من) (¬10) الْحَقُّ الْمُتَعَيَّنُ النَّظَرَ فِي مَنَاطِ الْغَلَطِ الْوَاقِعِ لِهَؤُلَاءِ، حَتَّى (يَتَبَيَّنَ) (¬11) أَنَّ الْمَصَالِحَ الْمُرْسَلَةَ لَيْسَتْ مِنَ الْبِدَعِ فِي وِرْدٍ وَلَا صَدْرٍ، بِحَوْلِ الله، والله الموفق.
فنقول:/ الْمَعْنَى الْمُنَاسِبُ (¬12) الَّذِي يُرْبَطُ بِهِ الْحُكْمُ لَا يخلو من ثلاثة أقسام:
¬_________
(¬2) (¬1) ما بين القوسين ساقط من (م).
رتبة الحاجيات: هي ما يفتقر إليها من حيث التوسعة ورفع الضيق المؤدي في الغالب إلى الحرج والمشقة اللاحقة بفوت المطلوب. انظر: الموافقات (2/ 4).
(¬3) انظر: المستصفى (1 293 وما بعدها).
(¬4) انظر: شفاء الغليل (ص209)، وللوقوف على تفصيل مسألة المصالح المرسلة راجع المحصول للرازي (2 218 ـ 225)، والإبهاج (3 177 ـ 188)، وفصلها الواعي في البدعة والمصالح المرسلة (ص241 ـ 287)، وحقيقة البدعة وأحكامها لسعيد الغامدي (2 146 ـ 189).
(¬5) في: (م) و (ط) و (خ): "في الواقع له في الوقائع الصحابية". وكذلك في (ت) إلا أنه في هامشها كتب: "بحذف في الواقع له".
(¬6) في (ط): "بدعة".
(¬7) في (م) وفي (خ): "بياض بقدر كلمة وفي (غ) و (ر): صوّر.
(¬8) ما بين القوسين زيادة من (غ) و (ر).
(¬9) في (ط) و (غ) و (ر): "إذا".
(¬10) ما بين القوسين ساقط من (ط).
(¬11) في (م): تبين.
(¬12) انظر: رسالة المصالح المرسلة للشنقيطي (ص9)، ورحلة الحج (ص175 ـ 181)،=
الصفحة 7
520