كتاب شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 3)

ويدل على عدم الوجوب ما روي أن عمر - رضي الله عنه - قرأ سجدة وهو على المنبر فنزل وسجد وسجدوا معه، ثم قرأ الجمعة الآخرى فتهيأ الناس للسجود فقال: أيها الناس على رسلكم إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء، فقرأها فلم يسجد ومنعهم أن يسجدوا (¬1).
ويروى المصير إلى عدم الوجوب عن ابن عباس وعائشة وعمران ابن الحصين.
وفي الحديث الأول بيان أن في سورة النجم سجدة خلافًا لقول من قال: إنه لا سجدة في المفصل، وما يروى عن يونس عن الحسن؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجد في النجم بمكة ثم تركه بالمدينة" ليحمل على أنه سجد فيها تارة ولم يسجد أخر على ما تقدم، لا على أنه ترك استحبابها، ويبينه ما روي عن عمر - رضي الله عنه - أنه قرأ: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1)} فسجد فيها ثم قام فقرأ بسورة أخرى (¬2)، وعن علي - رضي الله عنه - أنه قال: عزائم السجود {الم (1) تَنْزِيلُ} و {حم (1) تَنْزِيلٌ} و {النَّجْمِ} و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} (¬3).
والحديث الثالث يدل على أنه إذا سجد القاريء فلا ينبغي للمستمع أن يترك السجود، بل يوافقه كما يوافق المأموم الإِمام، ولو سجد المستمع فقد أحسن ولا يلزمه أن يترك لترك القاريء.
وروى حديث عطاء بن يسار: إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن زيد بن أسلم عن عطاء عن أبي هريرة موصولًا، والرواية المرسلة أصح وأثبت.

الأصل
[761] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا عبد الوهاب، عن أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين، عن ابن عباس قال: سافر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
¬__________
(¬1) رواه مالك (1/ 206 رقم 484).
(¬2) رواه مالك (1/ 206 رقم 483).
(¬3) رواه ابن أبي شيبة (1/ 369).

الصفحة 14