أحدهما وبه قال مالك: أنهما حاكمان موليان من جهة القاضي؛ لأن الله تعالى سماهما حكمين.
وأصحهما وبه قال أبو حنيفة وأحمد: أنهما وكيلان من جهة الزوجين؛ لأنهما رشيدان، فلا يول عليهما.
واحتج بأثر علي -رضي الله عنه- للقول الأول؛ فإنه جعل الجمع والتفريق إليهما، وللقول الثاني بأنه اعتبر رضاهما وإقرارهما.
وقوله: "حتى تقر" على القول الأول معناه: عليك [أن] (¬1) تنقاد لحكم الله تعالى كما انقادت.
وإذا جعلناهما حكمين جاز بعثهما بدون رضا الزوجين، ولحكم الزوج أن يطلق إذا رآه، وأن يخالع إذا ساعده (¬2) حكم المرأة؛ وإذا جعلناهما وكيلين فيبعثان برضا الزوجين، ويوكل الزوج حكمه بالطلاق وقبول العوض في الخلع، والمرأة حكمها بقبول الطلاق على العوض.
وقصة عقيل مذكورة في "الأم" (¬3) مع زيادة تحسن الكلام ويتم وهي أنه قال: فكان إذا دخل عليها قالت: "أين عتبة بن ربيعة؟ أين شيبة بن ربيعة؟ " فيسكت، حتى دخل عليها يومًا وهو برم، فقالت: أين عتبة ابن ربيعة أين شيبة بن ربيعة؟ فقال: "على يسارك في النار".
وقولها: "اصبر لي" كأنها تلتمس منه أن لا يتزوج عليها يقنع بها لتنفق عليه، ثم كان يشق عليها الإنفاق فتؤذيه بقولها: "أين عتبة أين شيبة".
وقوله: "فشدت عليها ثيابها" أي: لتحتجب بها إذا خرجت.
وقوله: "لأفرقن بينهما" فيه إشعار باستقلال الحكمين بالتفريق.
¬__________
(¬1) ليست في "الأصل". والسياق يقتضيها.
(¬2) زاد في "الأصل": و. مقحمة.
(¬3) "الأم" (5/ 116).