كتاب شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 3)

شبابة بن سوَّار عن شعبة عن نعيم بن أبي هند عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة قالت: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضه الذي مات فيه خلف أبي بكر قاعدًا (¬1).
وجمع بين الروايتين بأن قيل: أمَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر في صلاة الظهر، واقتدى بأبي بكر في صلاة الصبح يوم الاثنين وهي آخر صلاة صلاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أما أن إمامة النبي - صلى الله عليه وسلم - وإقتداء أبي بكر به كانت في صلاة الظهر؛ لأن في "الصحيحين" (¬2) من رواية عبيد الله بن عتبة عن عائشة؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسل إلى أبي بكر أن يصلي بالناس في مرضه فصلى بهم أبو بكر في تلك الأيام، ثم إنه - صلى الله عليه وسلم - وجد خفة من نفسه فخرج بين رجلين أحدهما العباس لصلاة الظهر وأبو بكر يصلي بالناس، فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر، فأومأ إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا يتأخر، وقال لهما: أجلساني إلى جنبه، فأجلساه إلى جنب أبي بكر فجعل أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو قائم، والناس يصلون بصلاة أبي بكر ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعد. وذكر الحافظ أبو بكر البيهقي أن ذلك كان يوم السبت أو الأحد.
وأما أن ائتمام النبي - صلى الله عليه وسلم - بأبي بكر كان في صلاة الصبح؛ فلأن موسى بن عقبة روى في المغازي؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقلع عنه الوعك ليلة الاثنين فغدا إلى صلاة الصبح يتوكأ على الفضل بن عباس وغلام له وقد صلى أبو بكر - رضي الله عنه - بالناس ركعة فصلى معه الركعة الثانية، فلمَّا سلَّم أبو بكر أتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاته. وقد أشار الشافعي إلى هذا الجمع
¬__________
(¬1) رواه الترمذي (362)، والنسائي (2/ 79).
وقال الترمذي: حسن صحيح غريب.
(¬2) "صحيح البخاري" (687)، و"صحيح مسلم" (418/ 90).

الصفحة 35