كتاب شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 3)

وذكرناه على الاختصار من قبل.
وقوله: "فقعد إلى جنب أبي بكر" في رواية الأسود عن عائشة: "فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى جلس يسار أبي بكر".
واحتج به على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إمامًا، فإنه جعل أبا بكر على يمينه وهو موقف المأموم.
وقوله: "وأمَّ أبو بكر الناس" ليس على معنى أن أبا بكر كان مأمومًا وإمامًا معًا، ولكن المراد أنهم كانوا يعتمدون أبا بكر - رضي الله عنه - في الانتقالات إذ كان لا يبلغهم صوت النبي - صلى الله عليه وسلم - لضعفه، ولا يرى أكثرهم شخصه؛ لأنه كان جالسًا، ويوضحه أن علي بن مسهر روى القصة عن الأعمش بإسناده الذي سبق وفيه: "فكان النبى يصلي بالناس وأبو بكر يسمعهم التكبير" (¬1).
واستدل الشافعي - رضي الله عنه - بالقصة على أن الإمام إذا قعد لعذر يصلي المأمومون خلفه قيامًا، ورآها ناسخة لما رواه أنس وغيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " وإذا صلى قاعدًا فصلوا قعودًا" (¬2) لأن القصة تتعلق بآخر أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - والآخر ينسخ الأول، وحمل ما روي عن جابر "أنه صلى جالسًا والقوم خلفه جلوسًا" على أنه لم يعرف النسخ فعمل بما عمله أولًا.
وفي القصة دليل على أنه يجوز للمريض أن يؤم خلافًا لمالك، وعلى أنه لا بأس أن يقف أحد المأمومين يجنب لأمر يعرض [للإمام] (¬3) ولا يتخنس إلى خلف ليدخل الصف.
¬__________
(¬1) رواه مسلم (418/ 96).
(¬2) رواه البخارى (689)، ومسلم (411/ 77) من حديث أنس.
(¬3) كلمة مطموسة في الحاشية، والمثبت أشبه برسمها.

الصفحة 36