كتاب شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 3)

بهم إلى المسجد، فإذا بكى أحد منهم على الطعام أعطيناه ذلك (¬1).
وفي "كتاب مسلم" (¬2) من حديث أبي معاوية عن الأعمش عن عمارة بن كثير عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله أنه قال في يوم عاشوراء: إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صامه قبل أن ينزل رمضان، فلما نزل رمضان ترك.
ومن حديث عبد الله بن نمير عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صامه والمسلمون قبل أن يفرض رمضان، فلما فرض رمضان قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن عاشوراء يوم من أيام الله، فمن شاء صامه ومن شاء تركه" (¬3).
وروى الأمر بصيامه: أبو موسى الأشعري وجابر بن سمرة وابن عباس.
وفي حديث معاوية إشعارٌ بأنه لم يكن واجبًا قط؛ فإنه قال: "لم يكتب الله عليكم صيامه".
وحديث نافع عن ابن عمر المذكور في الأصل إلى هذا الاحتمال أقرب، ومن قال بالأول فلا يشكل عليه أن يقول: المعنى لم يكتب الله عليكم صيامه الآن، لكن الشافعي - رضي الله عنه - مال إلى أن صومه لم يكن واجبًا قط، ورأى أن يحمل قول عائشة: "وترك يوم عاشوراء" على ترك استحبابه، كأنه يريد الاستحباب المؤكد واستقرار الأمر على أصل الاستحباب، وقد يفهم هذا المعنى من حديث جابر بن سمرة - رضي الله عنه - وهو
¬__________
(¬1) رواه البخارى (1960)، ومسلم (1136/ 136).
(¬2) "صحيح مسلم" (1127/ 122) عن عبد الرحمن بن يزيد قال: دخل الأشعث بن قيس على عبد الله وهو يتغذى ...
(¬3) رواه مسلم (1126/ 117).

الصفحة 40