كتاب شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 3)

أي: ينحى قشرها عنها ويحفر فيها.
وسبب النهي عن الانتباذ في هذِه الأوعية؛ أنها متينة ولها ضراوة، فربما اشتد فيها النبيذ وصاحبها لا يشعر باشتداده فيكون على غرر من شربها؛ فأما الأسقية فهي رقيقة إذا اشتد فيها النبيذ تقطع أو ظهر أثره من خارج فلا يخفى الأمر فيه، وكان الانتباذ فيها والشرب منها حرامًا في صدر الإِسلام، ثم اختلفوا: فذهب بعضهم إلى استمراره، ويروى ذلك عن ابن عمر وابن عباس، وبه قال مالك وأحمد.
وقال الأكثرون: إن التحريم منسوخ، ويدل عليه حديث عبد الله بن عمرو، وحديث جابر الذي سيأتي من بعد، وحديث بريدة الأسلمي؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "نهيتكم عن الأشربة إلا في ظروف الأدم؛ فاشربوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكرًا" رواه مسلم في "الصحيح" (¬1) عن أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع عن مُعرّف بن واصل عن محارب بن دثار عن سليمان ابن بريدة عن أبيه.

الأصل
[1352] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا سفيان، عن ابن طاوس، عن أبيه أن أبا وهب الجيشاني سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البتع، فقال: "كل مسكر حرام" (¬2).

الشرح
الحديث على إرساله يؤكد ما تقدم في البتع، ويروى عن سفيان، عن ابن طاوس، عن أبيه قال: تلا النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر -يعني: آية
¬__________
(¬1) "صحيح مسلم" (977/ 65).
(¬2) "المسند" ص (282).

الصفحة 448