كتاب شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 3)

فأتي بسكران، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمن عنده: "اضربوه" فضربوه بما في أيديهم.
وقوله: "فضربوه بالأيدي والنعال وأطراف الثياب وحثوا عليه التراب" هكذا كان يضرب الشارب في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففي "الصحيحين" من رواية شعبة، عن قتادة، عن أنس؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضرب في الخمر بالجريد والنعال (¬1).
وفي بعض الروايات عن عبد الرحمن بن أزهر: فضربوه بما في أيديهم، فمنهم من يضرب بالسوط، ومنهم من يضرب بالعصا، وحثا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليه بالتراب.
وقوله: "بكتوه" في "الغريبين": التبكيت يكون تقريعًا باللسان، يقال له: يا فاسق أما استحييت، أما اتقيت، ويكون باليد والعصا ونحوهما، وليحمل اللفظ على التوبيخ باللسان فإنه أمر بالتبكيت بعد الضرب.
وقوله: "سأل من حضر ذلك المضروب فقومه أربعين".
أي: قدّر ما جرى بأربعين جلدة بالاجتهاد والتخمين، وفي "الصحيح" من رواية قتادة عن أنس؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يضرب في الخمر بالنعال والجريد أربعين، وأبو بكر ضرب أربعين (¬2). وأيضًا؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي برجل شرب الخمر فضربه بجريدتين نحوًا من أربعين ثم صنع أبو بكر مثل ذلك (¬3).
وأظهر وجهي الأصحاب: أنه لو لم يجلد الشارب واقتصر على ضربه أربعين بالنعال وأطراف الثياب كفى وإن قدر ما جرى بأربعين جلدة،
¬__________
(¬1) رواه البخاري (6773) من طريقه، ورواه مسلم (1706) من طريق هشام عن قتادة.
(¬2) رواه مسلم (1706/ 36، 37).
(¬3) رواه مسلم (1706/ 35).

الصفحة 467