كتاب شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 3)

وقوله: "وأما أنا فلا أحب أن أصنع هذا" مع التوقف سلوك لسبيل الاحتياط، وأغلب أهل العلم قالوا بتحريمه، ورأوا قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} (¬1) أخص في هذا الحكم من قوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (¬2)؛ لأن قوله تعالى {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} (¬3) مسوق لبيان المحرمات، وقوله {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (¬4) مذكور في معرض الثناء على المحافظين لحدود الله تعالى بحفظ فروجهم، ومثل ذلك لا يقصد به التعميم، وأيضًا فإن الجمع بينهما في الوطء يوجب الوحشة وقطيعة الرحم، فكان كالجمع (¬5) في النكاح.
وإلى التحريم ذهب علي بن أبي طالب والزبير بن العوام، وبالغ فيه علي رضي الله عنه فقال (¬6): لو كان لي من الأمر شيء ... إلى آخره ويروى عن موسى بن عقبة، عن عمه، عن علي رضي الله عنه أنه سأله رجل له أمتان أختان وطيء إحداهما ثم أراد أن يطأ الأخرى فقال: لا، حتى يخرج الأولى عن ملكه (¬7).
على أنه قد روي عنه ما يشعر بالتوقف كما روي عن عثمان رضي الله عنه، فعن حنش أن علي بن أبي طالب سئل عن الرجل تكون له جاريتان أختان فيطأ إحديهما، أيطأ الأخرى؟
فقال: أحلتهما آية وحرمتهما آية، وأنا أنهى نفسي عنها وولدي (¬8).
¬__________
(¬1) النساء: 23.
(¬2) المعارج: 70.
(¬3) النساء: 23.
(¬4) المعارج: 70.
(¬5) زاد في "الأصل": و. مقحمة.
(¬6) زاد في "الأصل": لي. سبق قلم.
(¬7) رواه البيهقي (7/ 164).
(¬8) رواه البيهقي (7/ 164).

الصفحة 482