كتاب شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 3)

وقال أبو داود في "السنن" (¬1) كتب إليَّ الحسين بن حريث، أبنا الفضل بن موسى، ثنا الحسين بن واقد، عن عمارة بن أبي حفصة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: "جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ... " فذكر نحوًا منه، ويروى معنى الحديث من رواية أبي الزبير عن جابر أيضًا (¬2).
والمقصود أن نكاح الزانية جائز، ولو زنت امرأة وهي في نكاح رجل لم يرتفع النكاح بينهما ولم يلزم الزوج أن يفارقها وإن كان الأولى المفارقة، واستدل بقوله: "فأمسكها" على أنه لا تجب المفارقة، وحمل قوله: "لا تردّ يد لامس" على أنها تطاوع من أرادها، وذكر بعضهم أن المعنى فيه أن لا يتشتت همه بمفارقتها مع محبته لها، ولأبي عبيد في الحديث كلام آخر قد قدمناه.
وأثر عمر رضي الله عنه ظاهر الدلالة على جواز نكاح الزانية، وما روي عن ابن مسعود أنه قال فيمن ينكح الزانية: هما زانيان ما اجتمعا (¬3).
يعارضه ما روي عن علقمة بن قيس؛ أن رجلًا أتى ابن مسعود فقال: رجل زنى بامرأة ثم تابا وأصلحا، له أن يتزوجها؟
فتلا هذِه الآية: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} قال: فرددها عليه مرارًا حتى ظن أنه قد أرخص فيه (¬4).
¬__________
(¬1) "سنن أبي داود" (2049).
(¬2) رواه الطبراني في "الأوسط" (4707)، والبيهقي (7/ 155).
(¬3) رواه عبد الرزاق (12798)، والبيهقي (7/ 156).
(¬4) رواه البيهقي (7/ 156).

الصفحة 486