كتاب موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية (اسم الجزء: 3)

والملائكة والناس أجمعين" (¬1)، فبكى ابن مهدي وآلى على نفسه أن لا يفعل ذلك أبدا في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا في غيره.
- وفي رواية عن ابن مهدي قال: فقلت للحرسيين: تذهبان بي إلى أبي عبد الله؟ قالا: إن شئت. فذهبا إليه، فقال: يا عبد الرحمن، تصلي مستلبا؟ فقلت: يا أبا عبد الله، إنه كان يوما حارا -كما رأيت- فثقل ردائي علي. فقال: آلله ما أردت بذلك الطعن على من مضى والخلاف عليه؟ قلت: آلله. قال: خلياه. (¬2)
- وجاء في الاعتصام: حكى ابن العربي عن الزبير بن بكار قال: سمعت مالك بن أنس وأتاه رجل فقال يا أبا عبد الله: من أين أحرم؟ قال من ذي الحليفة من حيث أحرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إني أريد أن أحرم من المسجد، فقال: لا تفعل. قال: فإني أريد أن أحرم من المسجد من عند القبر. قال: لا تفعل فإني أخشى عليك الفتنة. فقال: وأي فتنة هذه؟ إنما هي أميال أزيدها، قال: وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصر عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ إني سمعت الله يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (¬3). اهـ (¬4)
¬_________
(¬1) لم أقف عليه بهذا اللفظ ولعله رواية معنى حديث علي، وقد تقدم تخريجه في مواقف علي رضي الله عنه سنة (40هـ).
(¬2) الاعتصام (2/ 554 - 555).
(¬3) النور الآية (63).
(¬4) الاعتصام (1/ 174) وهو في ذم الكلام (ص.123) والإبانة (1/ 1/261 - 262/ 98) وانظر الباعث (ص.90 - 91) ومجموع الفتاوى (20/ 375).

الصفحة 4