كتاب موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية (اسم الجزء: 3)
فقلت: أي خليفة خليفتنا إن لم يكن يقول: القرآن مخلوق، فورد على قلبي أمر عظيم، وهمتني نفسي ثم قلت: يا نفس هل تموتين إلا مرة واحدة، وهل تموتين قبل أجلك، وهل يجوز الكذب في جد أو هزل؟ فقلت: والله يا أمير المؤمنين ما دار في نفسي إلا ما قلت. أطرق مليا، ثم قال: ويحك، اسمع مني ما أقول لك، فوالله لتسمعن الحق، فسري عني وقلت: يا سيدي ومن أولى بالحق منك وأنت خليفة رب العالمين، وابن عم سيد المرسلين من الأولين والآخرين؟ فقال لي: ما زلت أقول إن القرآن مخلوق صدرا من خلافة الواثق حتى أقدم علينا ابن أبي دؤاد شيخا من أهل الشام -من أهل أذنة- فأدخل الشيخ على الواثق وهو جميل الوجه، تام القامة، حسن الشيبة، فرأيت الواثق قد استحيا منه ورق له، فمازال يدنيه (¬1) ويقربه حتى قرب منه، فسلم الشيخ فأحسن السلام، ودعا فأبلغ وأوجز، فقال له الواثق: اجلس، ثم قال له: يا شيخ ناظر ابن أبي دؤاد على ما يناظرك عليه، فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين ابن أبي دؤاد يقل ويضعف عن المناظرة، فغضب الواثق وعاد مكان الرقة له غضبا عليه، فقال أبو عبد الله: ابن أبي دؤاد يصبو ويقل ويضعف عن مناظرتك أنت؟
فقال الشيخ: هون عليك يا أمير المؤمنين ما بك، وائذن لي في مناظرته. فقال الواثق: ما دعوتك إلا لمناظرته. فقال الشيخ: يا أحمد إلى ما دعوت الناس ودعوتني إليه؟ فقال: إلى أن تقول القرآن مخلوق. فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين إن رأيت أن تحفظ علي وعليه ما نقول. قال: أفعل. فقال الشيخ: يا
¬_________
(¬1) في الأصل (يدينه) ولعل الصواب ما أثبتناه.