كتاب تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة (اسم الجزء: 3)
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ).
قيل: من يطع اللَّه في أداء فرائضه أوسنة رسوله.
(يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ. . .) إلى آخر ما ذكر.
وقيل: ومن يطع اللَّه فيما أمر ونهى، وأطاع رسوله في أمره ونهيه؛ فله ما ذكر.
وقيل: إذا أطاع اللَّه فقد أطاع رسوله، وإذا أطاع رسوله فقد أطاع اللَّه - تعالى - وهو واحد، كقوله: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) وقوله: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ) - تعالى -: فيما أمر ونهي، وحَرَّم وأحلَّ، (وَرَسُولَهُ): فيما بلغ وبين.
وقيل: ذا ليس بتفريق، لكن من الذي يطيع اللَّه هو الذي يطيع رسوله؛ لأنه إلى طاعة اللَّه - تعالى - دعاه، وعلى عبادته رغب؛ فتكون طاعتُهُ طاعتَهُ، كقوله - تعالى -: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ)، وكقوله - سبحانه -: (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي. . .) الآية.
وقوله - تعالى -: (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ... (14)
وهذا كذلك -أيضًا- إذا عصى اللَّه؛ فقد تعدى حدوده، ومن تعدى حدوده فقد عصى اللَّه.
ويحتمل قوله: (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ): فيما لم ير أمره أمرًا ونهيه نهيًا، (وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ)، يعني: أحكامه وشرائعه، أي: لم يرها حقًّا -:
(يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا)
وله ما ذكر.
* * *