كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 3)

وزادوا " اللام " في: يا بؤس للحرب ... (¬1)
وشبه باب النفي بباب النداء لما يقع فيهما من التغيير وحذف التنوين.
وما كان من ذلك في تقدير الإضافة إلى ما بعد اللام، ولا يحسن أن تفصل بينه وبين اللام. فإذا فصلت بطلت الإضافة، تقول: لا يدين به لك، ولا يدين اليوم لك إثبات النّون أحسن؛ والوجه لأنك إذا حذفت النون فإنما تحذفها للإضافة إلى ما بعد اللام، وقد فصلت بينهما بقولك " بها " و " اليوم " فلم يحسن، فعدلت إلى الوجه الذي لا إضافة فيه فقلت: لا يدين بها لك ولا أب يوم الجمعة لك، وجعلت " لك " خبرا أو نعتا أو بيانا بعد أن تضمر خبرا هو: مكان أو زمان ".
والبيان " بلك " أن تقدر " أعني " كما تقدر ذلك في: سقيا لك، وإذا أردت هذا المعنى فليس " لك " بنعت ولا خبر.
وإن تركت " لك " استغناء يعلم المخاطب بها كقولهم: " لا رجل " " ولا بأس " فهو جائز وإن ذكرته توكيدا وأنت تعلم أنّ المخاطب يعلمه جاز.
وإن أضفت مع الفصل ففيه قبح، وهو مع قبحه جائز في الشعر وشاهده:
كأن أصوات من إيغالهن بنا … أواخر الميس أصوات الفراريج (¬2)
أضاف " أصوات " إلى " أواخر الميس " وفصل بما بينهما من الكلام.
ولا يقع الفصل بين المضاف والمضاف إليه إلا بالظرف وحروف الجر، وقد استقبح سيبويه الفصل بين الجار والمجرور بما يتم به الكلام وبما لا يتم.
وأجاز يونس الفصل بما لا يتم الكلام به كقوله:
لا يدي بها لك. ومعناه: لا طاقة بها لك. " وبها " في هذا الموضع لا يكون خبرا ولا يتم. وقد احتج سيبويه بما ذكره.
ومعنى قول سيبويه " وقد يفرق بين الذي يحسن عليه السكوت والذي لا يحسن في موضع غير هذا " يعني نحو قوله:
في الدار زيد قائم وقائما؛ لأن الكلام يتم بقوله: في الدار، ولا تقول: بعمرو زيد
¬__________
(¬1) جزء بيت لسعد بن مالك، وتمامه:
يا بؤس للحرب التي … وضعت أراهط فاستراحوا
انظر: الخزانة 1/ 224، والكامل 7/ 147.
(¬2) البيت سبق تخريجه.

الصفحة 24