كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 3)

يفضلها في حسب وميسم (¬1)
بمعنى أحد يفضلهما.
وأما قولهم: اذهب بذي تسلم، ولا أفعل بذي تسلم، ولا أفعل بذي تسلمان، ولا أفعل بذي تسلمون، فمعنى هذا الكلام دعاء كأنه قال في المعنى: والله يسلمك، وتقدير سيبويه في هذا ونحوه من المضاف أن الفعل يقام مقام
مصدره في الإضافة، كأنه قال:
بذي سلامتك، وهو قول أبي العباس محمد بن يزيد، وشرحه في يَوْمَ يَقُومُ (¬2).
وهذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ (¬3) وهذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ (¬4) قامت الأفعال مقام مصادرها؛ وكذلك قوله: اذهب بذي تسلم، قام الفعل مقام مصدره، وكذلك في قوله- عز وجل-: هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ (¬5) موضع إيمانكم بالله.
لأنه بيان للتجارة، وبدل منها في التقدير.
وقال: (ذو) لا تقع مفردة أبدا فجازت إضافتها إلى ما لا يضاف إليه غيرها ووقعت على الفعل خاصة، وأخوات (ذو) ينفردن نحو: (أب) و (أخ) و (حم) و (هن) و (فم)، لأن (فوك) إذا أفرد صار (فما).
ووجه آخر في (ذي تسلم) كأنه قال: في زمان ذي تسلم، و (ذي) نعت لزمان.
والنعت هو المنعوت، فأضيف إلى الفعل لأنه في المعنى زمان، كأنه قال: اليوم تسلم.
ووجه آخر أن تكون (ذي) بمعنى (الذي) وخولف بين لفظها في هذا المثال وبين لفظها في سائر المواضع فإن تستعمل في هذا المثال ب (الياء) وفي غيره ب (الواو) في الرفع والنصب والجر، وهذه اللغة كثيرة في طيئ.
قال قيس الطائي: (¬6)
¬__________
(¬1) البيت ورد منسوبا لحكيم بن ربيعة، كما نسبا إلى حميد الأرقط، الخزانة 5/ 62؛ الكتاب 2/ 345.
(¬2) سورة المطففين، الآية: 6.
(¬3) سورة المائدة، الآية: 119.
(¬4) سورة المرسلات، الآية: 35.
(¬5) سورة الصف، الآية: 10، 11.
(¬6) البيت في ديوانه، الخزانة 7/ 438؛ ابن يعيش 3/ 148.

الصفحة 333