كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 3)

" لولا زيد لأتيتك " فإذا قال: " لولا أن زيد عندي لأتيتك " فتقديره لولا كون زيد لأتيتك وخبر المبتدأ محذوف.
وأما " أن " بعد " لو " فعلى مذهب أبي العباس المبرد: هي فاعلة في موضع رفع بفعل محذوف. فإذا قلت: لو أنّ زيدا جاءني لأكرمته فتقديره على مذهبه: لو وقع مجيء زيد.
فجعل " أن " مرفوعا " بوقع ".
والذي عندي: أنه لا يحتاج إلى إضمار الفعل ولكن تقع (أن) نائبة عن الفعل بعد " لو " كقولك: " لو أنّ زيدا جاءني لأكرمته " كأنك قلت: " لو جاءني زيد لأكرمته ". وسوغ ذلك أن " لو " غير عاملة وإنما دخولها لمعنى لا يختل يكون " أنّ " بعدها إذ كان الخبر لا يفارقها وهو فعل.
وقد ذكرنا هذا مستقصى في أول الكتاب.
وشبه سيبويه وقوع " أنّ " بعد " لو " وهي في تقدير الاسم ولا يستعملون الاسم بعدها بوقوع " تسلم " بعد " ذي " و " تسلم " في موضع اسم ولا يستعملون الاسم بعد " ذي " في هذا الموضع. وهذا عنده بمنزلة ما لا يقاس عليه.
وقوله " مذ أنّ الله خلقني " في " أنّ) وجهان: يجوز أن يكون رفعا. ويجوز أن يكون خفضا. فإن كانت رفعا فهو
خبر مبتدأ. تقديره: ما رأيته من وقت خلق الله لي. كما تقول: ما رأيته مذ يوم الجمعة. وتجعل " مذ " بمنزلة المبتدأ وبتأول: مدة ذلك وقت خلق الله لي.
الذي يقول: " أما إنّه منطلق " و " ألا أنه منطلق " لا يعتد بأما و " ألا " لأنهما، يجعلان استفتاحا. وتنبيها للمخاطب ليسمع الكلام المقصود.
والذي يقول: " أما أنّه منطلق. فهو بمنزلة: حقا أنّه منطلق حقا " في مذهب الظرف. " وأنه منطلق في موضع مبتدأ كأنه قال: في حق انطلاقه كما قال:
.. أحقا أنّ أخطلكم هجاني .. (¬1)
والعرب تقول: أفي حق أخذك مالي. ونحو ذلك وهو مذهب الظروف كما تقول:
¬__________
(¬1) البيت للنابغة الجعدي وهو عجز بيت صدره:
ألا أبلغ بنى خلف رسولا ..
انظر البيت في الخزانة: 4/ 306، والعيني: 1/ 504، والهمع: 1/ 72، والأشموني: 1/ 185، والكتاب: 1/ 469، انظر الأعلم: 1/ 469.

الصفحة 340