كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 3)

ما أحببت. وقوله: ذلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ (¬1) كأنه قال: العون لكم من الله لأشياء ذكرها من تأييده ونصره وعونه. وكقوله: فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً (¬2) فهذه أشياء قد أعان الله بها المؤمنين ويعينهم أيضا بتوهين الكافرين وذكر هذا تقوية من الله ومعونة لهم. وقوله: ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ (¬3) ذكر الله عز وجل شدة قدمها لهم في الدنيا وذلك قوله: سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ (¬4) فذوقوه عاجلا في الدنيا والأمر أيضا: أن للكافرين عذاب النار بعد ذلك.
وإن استأنفت فكسرت فهو جيد لأنه جملة معطوفة على الجملة التي قبلها. ومن أوضح ما يدل على جواز الاستئناف قوله عز وجل: ذلِكَ وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ (¬5) لأن " من " وما بعدها شرط وجزاء وهي جملة منزلة منزلة المكسورة. وأما ما أنشده من الأبيات فإن " عودت " قد تعدى إلى مفعولين. إلى " قومي " وإلى: عقر العشار. ثم استأنف " أني " في البيت الثاني وقوله في البيت الثالث: " ذاك وأني " " ذاك أمري " وكسر " إني " بعدها فعطف جملة على جملة، قوله: (فهذا لا يكون مستأنفا) يعني إذا كسرت فهي جملة مستأنفة وإذا فتحت فهي من الجملة التي فيها " ذاك " لأنها محمولة على " ذاك " و " ذاك " خبر ابتداء محذوف وقوله: " فهذا يقوي ابتداء " إن " في الأول " يعني بالأول: " إنّ لك ألّا تجوع فيها ولا تعرى " و " أنّك " و " إنّك " بالابتداء والقطع.

هذا باب آخر من أبواب «أن»
تقول: (جئتك أنك تريد المعروف) إنما أردت: جئتك لأنك تريد المعروف
¬__________
(¬1) سورة الأنفال، الآية: 18.
(¬2) سورة الأنفال، الآية: 17.
(¬3) سورة الأنفال، الآية: 14.
(¬4) سورة الأنفال، الآية: 12.
(¬5) سورة الحج، الآية: 60.

الصفحة 344