كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 3)

ظالم أريد قتلك. فذل له ابن الاطنابة حتى كف عنه.
و" أنما تقتل " في موضع نصب " بأبلغ " ومعنى قول الخليل: " أنما " بمنزلة فعل ملغى: أن " أن " منزلتها منزلة فعل على ما تقدم من ذكر ذلك. فإذا كفت لم يكن لها اسم منصوب صار بمنزلة فعل ملغي كقولك: أشهد لزيد خير منك.
وقوله: بمنزلة (إذ) و " إذا "، وأن " إذ " و " إذا " لا يعملان شيئا فيما بعدهما وتلي " إذا " المبتدأ والخبر والفعل والفاعل وتمامها بما بعدها. وكذلك " أنما " يليها المبتدأ والخبر والفعل والفاعل وهي لا تعمل شيئا فيما بعدها فهذا وجه التشبيه. وقوله: وجدتك أنما أنت صاحب كل خنى لم يجز سيبويه في " أنما " إلا الكسر.
وذلك أن " وجدتك " يتعدى إلى مفعولين وهي من باب " علمت " و " حسبت " ورأيت من رؤية القلب " فالكاف " المفعول الأول والمفعول الثاني جملة قائمة بنفسها فحكمها أن تكون كلاما مستأنفا يوضع في موضع الخبر نحو: المبتدأ والخبر. وما هو بمنزلتها نحو الفعل والفاعل. و " إنّ " المكسورة مما يصح أن يبتدأ به من الكلام ولو قلت: حسبتك أنما أنت صاحب كل خنّى بفتح " أنما " كان بمنزلة: المصدر. والمصدر لا يكون خبرا للكاف. ألا ترى أنك لا تقول: " حسبت زيدا خروجه " و " حسبت زيدا سبقه ".
وقد قرئ وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ (¬1) وهو على ما سقناه من كلام سيبويه لا يجوز. وهو مذهب من تقدم من النحويين البصريين إلا أن الزجاج أجازه على البدل من " الذين " واحتج بقول " عبده بن الطيب " (¬2) في بدل المصدر من الاسم:
فما كان قيس هلكه هلك واحد … ولكنه بنيان قوم تهدما (¬3)
" أبدل " هلكه " من " قيس ".
¬__________
(¬1) سورة آل عمران، الآية: 178.
(¬2) هو يزيد بن عمرو التميمي، شاعر مكة مخضرم أدرك الإسلام وأسلم توفي 25 هـ العقد الفريد:
3/ 286.
(¬3) البيت في الكتاب: 1/ 77، ابن يعيش: 3/ 65، زهر الآداب: 965.

الصفحة 350