كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 3)

هذا باب تكون فيه «أن» بدلا من شيء هو الأول
وذلك قولك: بلغتني قصتك أنك فاعل. وقد بلغني الحديث أنهم منطلقون، وكذلك القصة وما أشبهها.

هذا باب تكون فيه «أن» بدلا من شيء ليس بالأول
من ذلك وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ (¬1) (فأنّ) مبدلة من " إحدى الطائفتين " موضوعة في مكانها كأنك قلت. وإذ يعدكم الله أن إحدى الطائفتين لكم كما أنك إذا قلت: (رأيت متاعك بعضه إلى بعض) فقد أبدلت الآخر من الأول:
فكأنك قلت: " رأيت بعض متاعك فوق بعض فإنما نصبت بعضا " لأنك أردت معنى:
(رأيت بعض متاعك فوق بعض) كما جاء الأول على معنى: " وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين لكم ".
وقال عز وجل: أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ (¬2) فالمعنى والله أعلم: ألم يروا أن القرون الذين أهلكناهم إليهم لا يرجعون ومما جاء مبدلا من هذا الباب قوله: أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (¬3) فكأنه قال: أيعدكم أنكم مخرجون إذا متم، وذلك أريد بها ولكنها إنما قدمت " أن " الأولى ليعلم بعد أي شيء الإخراج.
ومثله قوله: زعم أنه إذا أتاك أنه سيفعل، وقد علمت أنه سيفعل وقد علمت أنه إذا فعل أنه لا يستقيم أن تبتدئ " إنّ " هاهنا. كما تبتدئ الأسماء والفعل إذا قلت: (قد علمت زيدا أبوه خير منك). وقد رأيت زيدا يقول " أبوه ذاك "؛ لأن " إنّ " لا تبتدأ في كل موضع من تلك المواضع.
وزعم الخليل أن مثل ذلك قوله عز وجل: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ (¬4) ولو قال: " فإنّ " كانت عربية جيدة. وسمعناهم يقولون
¬__________
(¬1) سورة الأنفال، الآية 7.
(¬2) سورة يس، الآية 31.
(¬3) سورة المؤمنون، الآية 35.
(¬4) سورة التوبة، الآية 63.

الصفحة 352