كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 3)

قال أبو زبيد الطائي:
ألا أبلغ بني عمرو بن كعب … بأنّي في مودتكم نفيس (¬1)
أفي حق مواساتي أخاكم … بمالي ثم يظلمني السريس
وتبين أن " أن " في موضع رفع بقوله:
أحقّا بنى أبناء سلمى بن جندل … تهدّدكم إيّاي وسط المجالس (¬2)
فرفع (تهددكم) وهو في موضع " أن " حين قال:
أحقا أنّ أخطلكم هجاني (¬3)
وفي رفعه وجهان:
أحدهما: وهو الذي أختاره أنه رفع ما قبله من الظرف خبره ومنزلته كمنزلة " خلف زيد " " وفي الدار عمرو " ولو أدخلنا عليه " أن " وأخواتها وقدمنا الظرف وجعلنا " أنّ " مقدرا لنصبنا وذلك قولك: (في أكثر ظني رحيلك) كما تقول (يوم الجمعة أنك راحل) و (يوم الجمعة رحيلك) و " إنّ يوم الجمعة رحيلك " فتبين بنصبه بعد " أن " رفعه قبلها بالابتداء. وذهب أبو العباس المبرد إلى أن الخليل: رفع " أن " بالظرف في هذا الموضع يعني: " أفي حق أنك ذاهب " وفي أكثر ظني أنك ذاهب. للضرورة كما يرفع بالظرف المضمر في قولك: " زيد في الدار وعمرو عندك ".
قال أبو سعيد: أما رفع المضمر بالظرف فصحيح وأما رفع الظاهر فليس مذهب سيبويه والخليل. وأظن أن الذي دعا أبا العباس إلى حكاية هذا عن الخليل أنه: لما ذكر:
" أفي حق أنك ذاهب ". " وفي أكثر ظني أنك ذاهب " قال عقيبه: وصارت " أن " مبنية عليه كما تبنى الرحيل ...
وقد استعمل سيبويه لفظ البناء على الشيء الذي ليس بعامل فيما بني عليه كما قال: " أنّ " مبنية على " لولا ". وإنما ذلك على جهة تقدمها وحاجتها إلى ما بعدها.
¬__________
(¬1) ديوان أبو زبيد الطائي: 100.
(¬2) البيت للأسود بن يعفر سبق تخريجه.
(¬3) البيت للنابغة الجعدي سبق تخريجه.

الصفحة 360