كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 3)

كأن يؤخذ المرء الكريم فيقتلا ..
لأنها " أن " التي تنصب الأفعال دخلت عليها كاف التشبيه.

هذا باب من أبواب «إنّ»
تقول: قال عمرو: أن زيدا خبر منك وذلك لأنك أردت أن تحكي قوله. ولا يجوز أن تعمل (قال) في " أن ". كما لا يجوز لك أن تعملها في زيد وأشباهه إذا قلت:
قال زيد عمرو خير منك " فإن " لا تعمل فيها قال: كما لا تعمل " قال " فيما تعمل فيه " أن ". لأن " أن " تجعل الكلام شأنا. وأنت لا تقول: قال الشأن متفاقما كما تقول:
زعم الشأن متفاقما. فهذه الأشياء بعد " قال " حكاية ومثل ذلك: وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ (¬1) وقال أيضا: قال الله: قالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ (¬2) وكذلك جميع ما جاء من ذا في القرآن.
وسألت يونس عن قوله: " متى تقول أنه منطلق " فقال: إذا لم ترد الحكاية.
وجعلت تقول مثل " تظن " قلت: متى تقول أنك ذاهب. كما أنه يجوز لك أن تحكي فتقول: متى تقول زيد منطلق. وتقول: " قال عمرو أنه منطلق " جعلت " الهاء " عمرا أو غيره فلا تعمل " قال ". كما لا تعمل إذا قلت: قال عمر وهو منطلق. " فقال " لم تعمل هاهنا شيئا. وإن كانت الهاء هي القائل. كما لا تعمل شيئا إذا قلت (قال) وأظهرت " هو " فقال لا تغير الكلام عن حاله قبل أن تكون فيه " قال " فيما ذكرنا. وكان " عيسى " يقرأ هذا الحرف فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (¬3).
أراد أن يحكي. كما قال عز وجل: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ (¬4) كأنه قال والله أعلم: قالوا ما نعبدهم. ومثل ذلك كثير في القرآن.
وتقول: أول ما أقول أني أحمد الله كأنك قلت: أول قولي الحمد لله. وإن أردت أن تحكي قلت: أول ما أقول أني أحمد الله.
¬__________
(¬1) سورة البقرة، الآية: 67.
(¬2) سورة المائدة، الآية: 115.
(¬3) سورة القمر، الآية: 10.
(¬4) سورة الزمر، الآية: 3.

الصفحة 367