كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 3)

لمنطلق " فحتى هاهنا معلقة. لا تعمل في " إن " كما لا تعمل إذا قلت: حتى زيد ذاهب فهذا موضع ابتداء و " حتى " بمنزلة " إذا " ولو أردت أن تقول: " حتى أن " في هذا الموضع كنت محيلا. لأن " أن " وصلتها هاهنا بمنزلة " الانطلاق " ولو قلت: " انطلق القوم حتى الانطلاق " " وحتى الخير " كان محالا. لأن " أنّ " تصير الكلام خبرا فلما لم يجز ذا حمل على الابتداء. وكذلك إذا قلت: مررت فإذا إنّه يقول وسمعت رجلا من العرب ينشد هذا البيت كما
أخبرك به:
وكنت أرى زيدا كما قيل سيّدا … إذا إنه عبد القفا واللهازم (¬1)
فحال " إذا " هاهنا كحالها إذا قلت: " إذا هو عبد القفا واللهازم " وإنما جاءت " إن " هاهنا لأنك بهذا المعنى أردت كما أردت في " حتى " معنى حتى هو منطلق وإذا قلت: مررت فإذا أنّه عبد. تريد: مررت به فإذا العبودية واللؤم، كأنك قلت: مررت فإذا أمره العبودية واللؤم ثم وضعت " أن " في هذا الموضع جاز.
وتقول: قد عرفت أمورك حتى أنك أحمق كأنك قلت: عرفت أمورك حتى حمقك ثم وضعت " أن " في هذا الموضع. هذا قول الخليل وسألته عن قوله: (هذا حق كما أنك هاهنا) هل يجوز على ذا الحد كما أنك هاهنا؟
فقال: لا. لأن لا يبتدأ بها في كل موضع ألا ترى أنك تقول: يوم الجمعة أنك ذاهب ولا: كيف أنك صانع. و " كما " بتلك المنزلة.
قال أبو سعيد: قوله: وانطلق القوم حتى أن زيدا لمنطلق معناه. وانطلق القوم وزيد منطلق. وهي: " حتى " التي بمعنى: الواو. وتقع بعدها الجمل. ولذلك لم يجز أن تقع بعدها. " أن " مفتوحة. لأنها وما بعدها بمعنى المصدر. ولو قلت: انطلق القوم حتى انطلاق زيد لم يجز لأن ما بعد " حتى " إذا جعلت بمعنى الواو أو جعلت غاية من جنس ما قبلها.
ألا ترى أنك لا تقول: جاءني إخوتك حتى الحمار. وكذلك إذا أردت. " إذا " التي للمفاجأة. لأنها يقع بعدها الابتداء والخبر إلا أنه يجوز بعد. " إذا " الفتح والكسر جميعا.
فالكسر قولك: مررت به فإذا أنه يقول أن زيد خير منك. وكذلك قوله:
¬__________
(¬1) البيت في الخصائص: 2/ 399، ابن يعيش: 4/ 97، الخزانة: 4/ 303.

الصفحة 369