كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 3)

أجر.
وتقول: لا يلبث أن يأتيك " أي ": لا يلبث عن إتيانك وقال عز وجل فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا (¬1)، (فأن) محمولة على (كان) كأنه قال:- " فما كان جواب قومه إلا قول كذا وكذا ... " وإن شئت رفعت الجواب فكانت (أن) منصوبة. وتقول " ما منعك أن تأتينا ". أراد من إتياننا فهذا على حذف حرف الجر. وفيه ما يجيء محمولا على ما يرفع وينصب من الأفعال تقول: قد خفت أن يفعل. وسمعت عربيا يقول: أنعم في أن تشده أي بالغ في أن يكون ذلك هذا المعنى و (أن) محمولة على " أنعم ". وقال عز وجل:
بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ (¬2)، ثم قال " أن " يكفروا على التفسير كأنه قيل له: ما هو فقال: أن يكفروا.
وتقول أني مما أن أفعل ذاك. كأنه قال: أني من الأمر أو من الشأن أن أفعل ذاك فوقعت " ما " هذا الموقع كما تقول العرب: " بئسما " يريدون: بئس الشيء.
وتقول: ائتني بعد ما يقول ذاك. كأنك قلت: (ائتني) بعد قولك ذاك. القول كما أنك إذا قلت: بعد أن تقول. فإنما تريد:
ذلك.
ولو كانت " بعد " مع " ما " بمنزلة كلمة واحدة لم تقل: من بعد ما يقول ذاك القول. ولكانت " الدال " على حالة واحدة. وإن شئت قلت: أني مما أفعل فيكون " ما " مع " من " بمنزلة كلمة واحدة نحو: ربما.
قال أبو حية النميري:
وأنّا لمّا نضرب الكبش ضربة … على رأسه تلقى اللّسان من الفم (¬3)
وتقول إذا أضفت إلى " أن " الأسماء: " أنه أهل أن يفعل " وإن شئت قلت أنه أهل أن يفعل، ومخافة أن يفعل: إنه أهل لأن يفعل ومخافة لأن يفعل فهذه الإضافة كإضافتهم بعض الأشياء إلى " أن " قال الشاعر:
¬__________
(¬1) سورة النمل، الآية: 56.
(¬2) سورة البقرة، الآية: 90.
(¬3) المقتضب: 4/ 174، الخزانة: 4/ 282، والمغني: 1/ 311.

الصفحة 386