كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 3)

خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ (¬1) ولم يقل: وعسيتم أن تكرهوا.
واعلم أن مذهب سيبويه في " أن " بعد " لو ": أنه مبتدأ. منزلتها في التقدير كمنزلتها بعد " لولا " إذا قلت: لولا أنه ذاهب وأنه محذوف الخبر وأنه لا يستعمل في موضع " أن " بعد لو المصدر. كما لا يستعمل بعد " لولا " لأن " لولا " يقع الاسم بعدها.
و" لو " لا يقع بعدها الاسم وإنما يقع بعدها الفعل فشبه بها في " أن " وحدها دون الاسم لأن " أن " مشبه بالفعل
وليس لفظها لفظ اسم محض.
وجاز تشبيه " لو " ب " لولا " في ذلك: لأن " لولا " يليها المبتدأ والخبر و " لو " يليها الفعل والفاعل والمبتدأ والخبر والفعل والفاعل يؤول معناها إلى شيء واحد.
وإنما ذكره سيبويه: لأن " أنه ذاهب " بعد " لو " وإن كان تقديرها تقدير المصدر فلا يجوز وضع المصدر موضعه في اللفظ حجة في أنه لا يجوز ذكر المصدر في:
" عسى " مكان " أن " وكذلك " كاد زيد يخرج " و " عسى زيد يخرج " معنى الفعل فيها إذا لم تذكر " أن " مع اسم الفاعل ولا يجوز وضع الفاعل موضعه فيقال: " كاد زيد فاعلا ". لأن من كلامهم الاستغناء بالشيء عن الشيء.
من يقول من العرب: " عسى زيد " يجرى " عسى " مجرى " كأن " ويجعل الفعل في موضع خبره كأنه قال: عسى زيد فاعلا. كما قيل في المثل: " عسى الغوير أبوسأ ".
والباب فيها " أن " لما ذكرت لك. ولا يكاد معرف إسقاط " أن " منها إلا في شعر.
والباب في " كاد " إسقاط " أن " لأنك إذا قلت: كاد يفعل. فإنما تقوله لمن هو على تحد لفعلك كالداخل فيه. وسبيل المستقبل أن يكون في كونه مهلة. وقد يجوز في كاد إدخال " أن " تشبيها بعسى.
ومما يحتج به لحذف " أن " في (عسى) أن عسى للمستقبل وقد يكون بعض المستقبل أقرب إلى الحال من بعض فإذا قال: عسى زيد يقوم. كأنه من الحال حتى أشبه " عسى " وقد تدخل " أن " على خبر " لعل " إذا كان فعلا. والباب فيه سقوط " أن " لأنه من باب " أن " و (كان). وإنما تدخل " لعل عند الشك ويقول: إن زيدا في الدار متيقنا. يقول إذا كان شاكا. لعل زيدا في الدار. وكذلك يقول المتيقن: إن زيدا يأكل.
¬__________
(¬1) سورة البقرة، الآية: 216.

الصفحة 395