كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 3)

أنها لإبل أم شاه.
تقريرها: أم هي شاه لأن قوله: " أنها لإبل " إخبار وهو كلام تام، وقوله: " أم شاه " استفهام عند شك عرض له بعد الإخبار ولا بد من إضمار " هي ".
ولو ذكرت في موضع " أم " المنقطعة " ألف " الاستفهام لجاز ولم يتغير المعنى.
كقولك: أنها لإبل أشاه؟ وكذلك: " أيقولون افتراه " مكان: " أم يقولون افتراه ".
فإذا كانت " بأم " فهي معطوفة.
وإذا كانت " بالألف " فهي مستأنفة غير معطوفة. واختاروه " بأم " لأن فيها رجوعا عن الأول وإبطالا له كما يكون في " بل ".
وإذا كانت باستفهام مستأنف لم يكن بينهما وبين الأول علقة.
وقد شبه النحويون " أم " في هذا الوجه ب " بل " ولم يريدوا أن ما بعد " أم " محقق كما يكون ما بعد " بل " محققا.
وإنما أرادوا أن " أم " استفهام بعد كلام يتقدمها كما أن " بل " تحقيق مستأنف بعد كلام يتقدمها.
والدليل على أنها ليست بمنزلة " بل " مجردة قوله عز وجل: أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ (¬1) لا يجوز أن يكون بمعنى: بل اتخذ مما يخلق بنات. تعالى الله عن ذلك. وتقديره في اللفظ: " أأتخّذ " بالألف للاستفهام والمعنى: الإنكار والرد لما ادعوه. لأن ألف الاستفهام قد تدخل للتقرير والرد والإنكار والتوبيخ والتوعد فتدخل على النفي
فتصيره إيجابا في التقرير كقوله عز وجل: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (¬2) وقوله عز وجل: أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ (¬3).
والرد نحو قوله تعالى: أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ (¬4)؟ رد على من ادعى ذلك ونبه إليه.
والإنكار: نحو قوله أمقيما ونحن راحلون؟ و " أقياما وقعد قعد الناس؟ " ونحو
¬__________
(¬1) سورة الزخرف، الآية: 16.
(¬2) سورة الانشراح، الآية: 1.
(¬3) سورة التغابن، الآية: 5.
(¬4) سورة الزخرف، الآية: 16.

الصفحة 416