كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 3)

وقال مالك بن الريب:
ألا ليت شعري هل تغيّرت الرّحى … رحى الحزن أو أضحت بفلج كما هيا (¬1)
وكذلك سمعناه ممن ينشده من العرب.
وقال ناس: أم أضحت؟ على كلامين كما قال علقمة بن عبدة:
هل ما علمت وما استودعت مكتوم … أم حبلها إذ نأتك اليوم مصروم (¬2)
قال أبو سعيد: قولهم: " أيّهم تضرب أو تقتل " قد ادعى السائل أن سوءا من قتل أو ضرب يقع على أحد منهم لا يعرفه بعينه.
فإذا سأل عن ذلك أجيب عن الاسم فقيل له: زيد فيعلم بذلك أن " زيدا " الواقع به السوء. ولا يدري ذلك السوء ما هو؟
فإذا أراد معرفته قال: أتضرب زيدا أم تقتل؟
فأجيب عن الفعل فقيل له: ضرب أو قيل له قتل.
وإذا قيل: من يأتيك أو يحدثك؟ فقد سأله عن اسم يقع منه أحد هذين الفعلين.
فالجواب أن يقول: زيد. فيعرفه بعينه. ثم يسأله عن أحد فعليه كما تقدم في الذي قبله.
وأما قوله: هل عندك شعير أو بر أو تمر؟ فإن " هل " لا تقع بعدها " أم " على مذهب: أيهما؟ كما تقع بعد الألف بمعنى: أيهما؟
وفصل سيبويه بين " الألف " وبين " هل ": بأن ما بعد " هل " لا يكون تقريرا ولا توبيخا لو قلت: هل تضرب زيدا؟
لم يجز أن تدعي وقوع الضرب وتوبيخه عليه وتقريره به كما يقول القائل:
أتضرب زيدا وهل أبوك توبيخا له بذلك فأرى أن مذهب " الألف " أوسع من مذهب " هل " فجاز في الألف من معادلة " أم " ما لم يجز في " هل ".
ويقع بعد " أم " التقرير والتوبيخ كما يقع بعد الألف كقوله عز وجل: أَمْ يَقُولُونَ
¬__________
(¬1) الخزانة: 1/ 319، جمهرة أشعار العرب لأبي زيد القرشي: 278.
(¬2) ديوانه: 43.

الصفحة 421