كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 3)

كأنه قال (ما أبالي) أي الفعلين كان؟ وتقول: أزيدا أو عمرا لقيت أم بشرا؟
وذلك أنك لم ترد أن تجعل " عمرا " عديلا لزيد. حتى يصير بمنزلة: أيهما؟ وإنما أردت أن ذلك حشوا. كأنك قلت: أأحد هذين لقيت أم بشرا؟ ومثل ذلك قول صفية بنت عبد المطلب
كيف رأيت زبرا؟ (¬1) … أأقطا أو تمرا؟
أم قرشيا صارما هزبرا؟
وذلك أيّها لم ترد أن تجعل التمر عديلا للأقط لأن المسئول لم يكن عندها ممن قال:
هو أما تمر وأما أقط وأمّا قرشي
ولكنه ممن قال: أهو طعام أم قرشي؟
فكأنها قالت: أشيئا من هذين الشيئين رأيته أم قرشيا؟
وتقول: أعندك زيد أو عندك عمرو أو عندك بشر؟ كأنك قلت: هل من هذه الكينونات شئ؟ فصار هذا كقولك: أتضرب زيدا أو تضرب عمرا أو تضرب خالدا؟
ومثل ذلك: أتضرب زيدا أو بشرا أو خالدا؟ وتقول: أعاقل زيد أم عالم؟
وتقول: أتضرب عمرا أم تشتمه؟ تجعل الفعلين والاسم بينهما بمنزلة الاسمين والفعل بينهما لأنك قد أثبت العلم والعقل. وأدعيت أحدهما كما أدعيت ثم أحد الاسمين.
وإن قلت: " أو " فهو عربي حسن. فأما إذا قلت: أتضرب أو تحبس زيدا؟ فهو بمنزلة أزيدا أو عمرا تضرب؟
قال جرير:
أثعلبة الفوارس أو رباحا … عدلت بهم طهيّة والخشابا (¬2)
وإن قلت: أزيدا يضرب أو يقتل؟ كان كقولك: أيقتل زيدا أو عمرا؟ و " أم " في
¬__________
(¬1) انظر اللسان: (زبر)، المقتضب: 3/ 303، وأمالي ابن الشجري: 2/ 334.
(¬2) ديوان جرير: 66، العيني: 2/ 355، أمالي ابن الشجري: 1/ 297، والأشموني: 2/ 78.

الصفحة 424