كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 3)

وكذلك: إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ (¬1).
ومثله قوله عز وجل: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ (¬2). والحكم يقع على كل واحد مما سمي مفردا أو مجموعا. وحدثني بعض أصحابنا أن المزني (¬3) صاحب الشافعي سئل عن رجل حلف فقال: والله لا كلمت أحدا إلا كوفيّا أو بصريّا فكلم كوفيّا وبصريّا فقال: ما أراه إلا حانثا. فأنهى ذلك إلى بعض أصحاب أبي حنيفة المقيمين بمصر أيام المزني فقال: أخطأ المزني وخالف الكتاب والسنة.
فأما قوله عز وجل: وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ (¬4).
وكل ذلك كان مباحا خارجا بالاستثناء من التحريم.
وأما السنة: فيقول النبي صلّى الله عليه وسلّم " لقد هممت ألا أقبل هدية إلا من قريشي أو ثقفي " (¬5) والمفهوم من ذلك أن القريشي والثقفي كانا استسنين.
فذكر أن المزني رجع إلى قوله:
والتخيير الذي يكون لأحد الأمرين دون الآخر كقولك: جاء في زيد أو عمرو.
والإباحة بمنزلة الخبر الذي يتناول جميع ما ذكر على إفراد كل واحد منه كقولك: كنت آكل أرزا أو برا أو لحما أو سمكا.
ومن الإبهام في الخبر قوله: وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ
¬__________
(¬1) سورة النور، الآية: 31.
(¬2) سورة الأنعام، الآية: 145.
(¬3) هو: أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل المزني. من أهل مصر. كان زاهدا عالما مجتهدا قوي الحجة، وهو إمام الشافعيين، ومن كتبه الجامع الصغير والجامع الكبير. قال عنه الشافعي: المزني ناصر مذهبي. وقال في قوة حجته: " لو ناظر الشيطان لغلبه " توفي 264 هـ.
انظر معجم الأدباء: 17/ 323، وفيات الأعيان: 1/ 71.
(¬4) سورة الأنعام، الآية: 146.
(¬5) الحديث في سنن النسائي: 6/ 237 باب (العمري).

الصفحة 427