كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 3)

فلو كان البكاء يرد شيئا … بكيت على بجير أو عفاق (¬1)
قال أبو سعيد: شواهد " أو " في هذين الوجهين. قد تتخرج على غير ما قالوه.
أما قوله عز وجل: وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ فقد ذكرنا أن " أو " فيها على وجهين على الإباحة وعلى الإبهام، كأنه قال: إلى جمع كثير يجرزه بعض الحزار بمائة ألف وبعض بأكثر.
وكذلك: " بدت مثل قرن الشمس ... أو أنت في العين أملح ".
أي أن شبهتا بالشمس أصبت وإن فضلتها عليها أصبت. وقد مضى نحو هذا.
وقوله: أضربت عبد الله أم أنت رجل متعنت؟ فقد يقولونه " بأو ". وكقولك: خذ حقك وأعطنا حقنا أو أنت رجل متعنت ويذهب به قوم إلى أن معناه: " بل أنت " وليس كذلك. وإنما معناه: هذه الحالة هي الواجهة من الحق وإعطائه (أو) تصير الحالة الأخرى مكانها وهي أن تنسب إلى التعنت.
وأما (أم) في قوله: " اضرب عبد الله أم أنت رجل متعنت " فإنما هي " أم " المنقطعة التي منزلتها منزلة ألف الاستفهام وهي هاهنا بمنزلة التقرير والتوبيخ كنحو ما ذكرنا في قوله عز وجل: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ (¬2).
ومثله:
أسلمى تغوّلت … أم النّوم أم كلّ إلىّ حبيب (¬3)
وأما قوله:
لنفسي تقاها أو عليها فجورها (¬4)
فإنما دخلت " أو " لأن الإنسان أما أن يكون تقيا فله تقاه وأما أن يكون فاجرا فعليه فجوره. " فأو " دخلت لأحد الأمرين.
وأما:
أثعلبة الفوارس أو رياحا … عدلت بهم طهية والخشابا (¬5)
فمعناه: أحد هاتين القبيلتين عدلت بهم طهية على جهة الإنكار. كما تقول:
¬__________
(¬1) القائل متمم بن نويرة والبيت في اللسان: (عفق)، وأمالي المرتضي: 2/ 58، ومعاني القرآن للأخفش: 1/ 33.
(¬2) سورة السجدة، الآية: 3.
(¬3) سبق تخريجه.
(¬4) سبق تخريجه.
(¬5) سبق تخريجه.

الصفحة 433