كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 3)

وتقول: ألست صاحبنا؟ أو لست أخانا؟ ومثل ذلك: أما أنت أخانا؟ أو ما أنت صاحبنا؟ وقوله: أو لا تأتينا؟ أو لا تحدثنا؟ إذا أردت التقرير أو غيره ثم أعدت حرفا من هذه الحروف لم يحسن الكلام إلا أن تستقبل الاستفهام.
وإذا قلت: ألست أخانا؟ أو صاحبنا؟ أو جليسنا؟ فإنما تريد أن تقول: ألست في بعض هذه الأحوال؟ وأنما أردت في الأول أن تقول: ألست في هذه الأحوال كلها؟
ولا يجوز أن تريد معنى: ألست صاحبنا؟ أو جليسنا؟ أو أخانا؟ وتكون: لست مع " أو " إذا أردت أن تجعله في هذه الأحوال كلها.
ألا ترى أنك إذا أخبرت فقلت: ألست بشرا. أو ألست عمرا أو ما أنت ببشر ما أنت بعمر لم يجئ إلا على معنى: بل ما أنت بعمرو. و: لا بل لست ببشر.
وإذا أرادوا معنى: أنك لست واحدا منهما. قالوا: لست عمرا ولا بشرا أو قالوا: أو بشرا. كما قال عز وجل:- وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً (¬1)، ولو قلت: " أو لا تطع كفورا " انقلب المعنى.
فينبغي لهذا أن يجئ بألف الاستفهام منقطعا من الأول. لأن " أو " هذه نظيرتها في الاستفهام " أم ". وذلك قولك: أما أنت بعمرو أم ما أنت ببشر؟ كأنه قال: لا بل ما أنت ببشر. وذلك أنه أدركه الظن في أنه بشر بعد ما مضى كلامه الأول فاستفهم عنه.
وهذه " الواو " التي دخلت عليها ألف الاستفهام كثيرة في القرآن. كما قال عز وجل: أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (¬2) فهذه الواو بمنزلة الفاء في قوله: أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ (¬3)؟
وقال عز وجل: أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (¬4). وقال عز وجل:
¬__________
(¬1) سورة الإنسان، الآية: 24.
(¬2) سورة الأعراف، الآيتان: 97، 98.
(¬3) سورة الأعراف، الآية: 99.
(¬4) سورة الصافات، الآية: 16، 17.

الصفحة 445