كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 3)

وقد قال الله عز وجل: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ (¬1).
فإذا دخلت " أم " على الاستفهام فإنما تدخل من حيث كانت عطفا ويصير بمنزلة: " وهل كبير بكى ... " وكيف ينفع ما تعطي العلوق به ". ومن يجيب المضطر إذا دعاه.
وإنما صارت الألف تدخل على هذه الحروف التي ذكرنا " الفاء " و " الواو " و " ثم " ولم تدخل " هل " عليهن.
لأن ألف الاستفهام قد تدخل على بعض الكلام ولا يكون ما بعدها كلاما تاما.
كقولك لمن قال لك: ضربت زيدا. أزيدنيه؟
ولمن قال: مررت بزيد. أزيدنيه؟
ويقول الرجل: كم غلمانك. أثلاثة أم أربعة؟ فتجعله بدلا من " كم " وحدها وهي بعض الجملة.
ويقول الرجل: مررت بزيد. فيقال: أبزيد؟ وهو بعض الجملة.
وتقول للرجل: أقائما والناس قعود؟ وأمقيما وقد رحل القوم؟
ولا يجوز شيء من ذلك في " هل " ولا يكون " هل " إلا لاستقبال الاستفهام ولا يقتطع بها بعض الكلام.
فلما كان ما في أوله " الواو " و " الفاء " و " ثم " من جملة عطف عليها " بالواو " و " الفاء " و " ثم " صار ما فيه شيء من هذه الحروف بعض الجملة، فاقتطعت بالألف من الجملة ولم يجز اقتطاعها " بهل " لما ذكرناه.
وقد احتج سيبويه في أول أبواب " أو " للفرق بين " هل " و " الألف " فقال: " وذلك أن هل ليست بمنزلة ألف الاستفهام لأنك إذا قلت: هل تضرب زيدا؟ فلا يكون أن يدعى أن الضرب واقع.
¬__________
... … رئمان أنف إذا ما ضن باللبن
انظر الخصائص: 2/ 184، الهمع: 2/ 133، ابن يعيش: 4/ 18، الأشباه والنظائر للسيوطي:
1/ 329.
(¬1) سورة النمل، الآية: 62.

الصفحة 447