كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 3)

قال أبو سعيد: وقد يجوز أن يعارض بقول الله عز وجل: وَالْفَجْرِ * وَلَيالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ * هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (¬1) أي: لذي عقل- على وجه التنبيه أن في ذلك قسما لذي حجر. ويعارض بقوله عز وجل:
هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (¬2).
لأنه أتى عليه حين من الدهر قبل أن ينفخ فيه الروح ولم يكن مذكورا إلى أن نوه الله عز وجل به فصار مذكورا.
وأكثر القول أن الإنسان: آدم. ولم يكم آدم مذكورا وذكر بعض العلماء أن الإنسان يجوز أن يكون: " الناس كلهم ". وكل إنسان يأتي عليه من حال تكونه في الرحم إلى أن يولد حين لا يكون فيه مذكورا.
وقال الفراء: " هل ": يكون جحدا ويكون خبرا. فقوله: عز وجل: " هل أتى على الإنسان حين من الدهر " ومثله: فهل " وعظتك "، فهل أعطيتك، مقررة بأنك أعطيته ووعظته.
والجحد أن تقول: وهل يقدر أحد على مثل هذا؟
قال أبو سعيد: وللمحتج عن سيبويه أن الذي ذكر سيبويه جوازه في الألف ممتنع في " هل " لأن الذي يقول: أتضرب
زيدا؟ لمن قد ضربه يوبخه ويتهدده. ولم يأت مثل ذلك في " هل " وكان الفراء يذهب إلى أن حروف النسق كان ينبغي أن تكون قبل الألف كما كانت قبل " هل " وسائر الحروف.
ولما كانت " الألف " تضارع " الألف " التي تدخل على الفعل الماضي كقولك:
ذهب وأذهبه فلان فلو قلت: وأقدم زيد؟ وأنت تريد ألف الاستفهام. لأشبه قولك: " أقام زيد بمكان كذا وكذا. فلما خشوا هذا جعلوا هذه الحروف بين الألف وبين ما بعدها.
وكان يقول: " أنما خصوا الألف " بذلك لأنها لا تقوم بنفسها فأشبهت ما يتصل بالشيء وهو منه وضارعت " هل " " من " و " ما " فدخلت حروف النسق عليها.
قال أبو سعيد: إذا قال القائل: هل وجدت فلانا عند فلان؟ فقال المجيب: أو هو
¬__________
(¬1) سورة الفجر، الآيات: 1: 5.
(¬2) سورة الإنسان، الآية: 1.

الصفحة 448