كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 3)

فإن سماه بعبدين، وحمدين بالياء كان فيه وجهان: أحدهما أن تعرب النون وقبلها ياء لازمة فتقول: هذا حمدين ومررت بحمدين، ورأيت حمدينا.
ويجوز أن تجعله كالجمع السالم بالواو مرة ومرة بالياء.
ولا يجوز أن تجعله كزيتون وعرجون؛ لأنه لا يجوز أن تكون معرفة على وجهين مختلفين كما لا يجوز أن يقال في زيتون زيتين.
وإذا كانت الواو في الأصل للجمع، كان فيه حكاية الجمع، فيكون مرة بالواو، ومرة بالياء، ويجوز أن يكون الإعراب في النون ويكون ما قبلها ياء على كل حال كقولك هذه سنين وهذا مسلمين ولا يجوز مسلمون ولا سنون.
فإن سميت رجلا يضربن، ويضربن لم تصرف؛ لأنه ليس له نظير في الأسماء، فامتنع هذا من حيث امتنع " ضرب " تقول: جاءني ضربن، ويضربن، ومررت بضربن ويضربن.
فإذا سميت بضربت قلت: هذه ضربه، إذا وقفت عليه تقف بالهاء، ولا تصرفه إذا وصلت تقول: هذا ضربة فاعلم، ورأيت ضربة، ومررت بضربة.
قال أبو سعيد: واعلم أن الفعل إذا اعتل اعتلالا لازما، يخرجه إلى مثال الاسم، وإن كان ما اعتل منه ليس على مثاله، فإنه ينصرف كقولنا " قيل "، " وردّ "، والأصل فيه قول وردد.
فقيل، وردّ منصرفان في التسمية. وقول وردد لا ينصرفان، ولو سميت رجلا بضرب فإنه لا ينصرف، فإن خففناه فقلنا (ضرب) كما قيل في (عصر) " عصر " فإنه لا ينصرف أيضا؛ لأن هذا التخفيف ليس بلازم، ولو كان أصل التسمية وقع بالتخفيف صرفته، ولم يجز أن تقول فيه (ضرب) البتة.
ونظير هذا أن " جيأل " اسم الضبع لا ينصرف إذا سمينا بها رجلا.
فإن خففنا الهمزة، فقلنا: (جيل) لم ينصرف أيضا، وذلك أن جيأل على أربعة أحرف مؤنث، فإذا خففنا الهمزة فصار على ثلاثة أحرف فالنية نية الهمزة؛ لأن سقوطها ليس بلازم فكأنها أربعة وما كان سقوطها لازما لم يجر هذا المجرى.
قالوا في تصغير " سماء " " سمية " والهاء تلحق ذوات الثلاثة " وسماء " على أربعة أحرف، فكان حقها أن تلحق الهاء، كما لا تلحق في تصغير " عقرب " " وعناق إذا قلت: " عقيرب " و " عنيق " ولكنه يعرض في التصغير ثلاث ياءات، فيلزم سقوط واحدة منها فتصير كتصغير

الصفحة 473