كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 3)

جعلوا ذلك: العتاب.
وأهل الحجاز ينصبون على التفسير الذي ذكرناه.
وزعم الخليل أن الرفع في هذا على قوله:-
وخيل قد دلفت لها بخيل … تحية بينهم ضرب وجيع (¬1)
جعلوا الضرب تحيتهم كما جعلوا اتباع الظن علمهم. وإن شئت كان على ما فسرت لك في الحمار إذا لم تجعله
أنيس ذلك المكان.
وقال الحارث بن عباد:
والحرب لا يبقى لجا … حمها التخيل والمراع
إلا الفتى الصبار في الن … نجدات والفرس الوقاح (¬2)
وقال:
لم يغذها الرسل ولا أيسارها … إلا طري اللحم واستجزارها (¬3)
وقال:
عشية لا تغني الرماح مكانها … ولا النبل إلا المشرف المصمّم (¬4)
وهذا يقوي: ما أتاني زيد إلا عمرو. وما أعانه إخوانكم إلا إخوانه؛ لأنها معارف ليست الأسماء الآخرة بها ولا منها ".
قال أبو سعيد: أصل الاستثناء: إخراج بعض ما يوجبه لفظ من عموم ظاهر أو عموم حكم أو معنى يدل عليه اللفظ؛ فأما عموم اللفظ قولك: قام القوم إلا زيدا.
وأما عموم الحكم فقولك: والله لا أكلمك إلا يوم الجمعة. لأن قولك: " لا أكلمك " حكم اللفظ ألا يكلمه أبدا. ويوم الجمعة " داخل في جملة الأوقات التي لا يكلمه فيها في الحكم. وخرج يوم الجمعة من ذلك الحكم بالاستثناء.
وأما ما خرج عن عموم معنى دل عليه الحكم فقولك: " ما قام إلا زيد " قد علم بما دل عليه الكلام أن المنفي معموم في المعنى. وأن " زيدا " مستثنى من جملة ما عم بالنفي في المعنى.
¬__________
(¬1) البيت لعمرو بن معديكرب في الخزانة 4/ 53، ومعجم الشعراء 208، والمقتضب 2/ 18.
(¬2) البيتان في الخزانة 1/ 223، وشرح الرضي للكافية 1/ 229.
(¬3) البيت لم يستدل على قائله.
(¬4) البيت لضرار بن مالك الأزور في الخزانة 2/ 5، والعيني 3/ 109، والكشاف 2/ 149.

الصفحة 66