كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 3)

من خصَّه الله بالزلفي فأرسله ... في آخر الرسُّل ذا فضل علي الأول
وخصَّ بالمعجزات الباهرات أضاءت في البصائر ضوء الشَّمس في المقل
عنت له أرؤسٌ للحقِّ صاغرةٌ ... لم تعن من غيره للبيض والأسل
فجاءهم بكتاب أخرس اللُّسن الفصاح ... من آخر منهم ومن أول
وعاد عنه جذاذاً حدُّ السنة ... غلب إذا عاًد حدُّ السَّيف ذا فلل
وحلُّ من شرف الإسراء منزلةً ... يفوت شأو مداها ناظر الأمل
وانشقَّ في افقه البدر المنير له ... لما نأي عن ذراه نأي منتقل
فضمَّه رحمةً منه فسكَّنه ... وعاد يبدي أنين المدنف الوجل
واخجل الشُّهب لمَّا فجِّرت غدرٌ ... من بين أنمله كالواكف الهمل
وطالما كفلت بالرِّيِّ إذ بسطت ... للغيث تبسط منه السُّحب كالطَّلل
/10 أ/ وطالما طعم الجيش اللُّهام بها ... حدَّ الكفاية ما لم يكف للرَّجل
وطالما صافحت من شفهم علل ... للوقت منهم شفت ما كان من علل
ولو غدت السن الأقلام محصية ... أياته نالها عسي ولم تنل
إلى مكارم أخلاقٍ تبَّين من ... نقص البليغ تعاطي وصفها الكمل
ومحتذ في العلا والنبل اثبت من ... طود ولكنه اسري من المثل
وما الَّذي يبلغ المثني عليه وقد ... أثني الإله علي اخلاقه الفضل
فلم يزل في رضا الرَّحمن يدأب في ... أنضاء عزم لصون الدِّين مبتذل
مبلِّغاً كلمات الله موضحةً ... سبل الرشاد بقوم ضلَّلٍ غفل
والشِّرك يجمع في فضل العنان فما ... لذي يد ... منه من قبل
حتى تزحزح ليل لغي يدأب في السُّري يفخر هدي في إثره عجل
افديه من ناصر لله منتصرٍ ... أباد فرداً عديد الجحفل الزَّجل
وقلَّ ذاك لمن كانت ملائكة ال ـ ... ـــــــــــرحمن أنصاره في الحرب كالخول
وليت شعري إلى ما ينتهي ولها ... طرف اللِّسان ..... غير ذي مهل
وكلَّ نبل مقالٍ رام مدحته ... يغدو ضئيلاً لدى أوصافه النُّبل
لكنَّ مدحي له جهد المقلِّ عسي ... جسني من القول تمحو سيِّئ العمل
/10 ب/ يا خير من أعملت أيدي الركاب له ... وخير هادٍ هدانا أشرف الملل

الصفحة 19