كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 3)

وأخذ طرفًا من فقه الإمام الشافعي عن والده، ثم علي تقي الدين عبد الله قاضي حماة، وسمع الحديث علي جماعة كثيرة من المشايخ؛ كعبد المنعم بن الحراني وغيره، وتأدّب وقرأ القرآن الكريم علي الشيخ أبي اليمن زيد بن الحسن الكندي، وقال أشعاراً مستجادة في مدح وغزل وأوصاف، وغير ذلك، اشتهرت عنه، وتداولها /12 أ/ الناس، ولم يكن في الوقت مجال لأعلق عنه شيئا من قيله غير أني استنشدته القصيدة التي صحبتني فأنشدنيها، وهي مديح في الملك المظفر أبي الفتح محمود بن محمد بن عمر- صاحب حماة – ثم قال لي مخاطباً: أتيتني في وقت ضيِّق، ونحن علي أهبه السفر غداة غد، فإن وفق الله تعالي بعد ذلك بالاجتماع علقت لك مقطعات مختارة حسنة ما ينبغي أن تسطر في تاريخ.
وأنشدني مقطوعة لنفسه، كتبها إلى القاضي أبي الفضائل عبد العزيز بن نباته الشاعر، والقصيدة هذه: [من الكامل]
اهدي إلىَّ لواعج الاشواق ... نظر الغريق وقد أجدَّ فراقي
ليس الفرائض بالمقاتل إنَّما ... بين الجفون مقاتل العشَّاق
من لي بريان المعاطف أهيف ... واهي عقود الخصر والميثاق
راعت حلاوته وراق جماله ... فاخاف كل ميتَّم مشتاق
بسقيم صدِّ ماله من مبرئٍ ... وسليم صدغٍ ماله من راقي
/12 أ/ ملكته رقِّي وعفت لحبِّه ... ذنب الاباق وقربة الاعتاق
نامت عيون وشاتنا سلماَ فكم ... قامت لحرب عتابنا من ساق
جاذبته أطراف كلّ طريفة ... في العتب لم تنفق بسوق نفاق
وتعارضت أقوالنا فتعارضت ... سعر القلوب وأبحر الآماق
في روضةٍ للنَّار من نوَّارها ... لهب بفائض مائها الرَّقراق
راحي بها عذب الرَّضاب ونزهتي ... ورد الخدود ونرجس الأحداق
أفديه من حلو الفكاهة واللَّما ... أضحي يساقيني الهوي وأساقي
متلون أشفقت عند وصاله ... من هجره فضنيت من إشفاقي
بدرٌ يزيد سني أزيد به ضني ... حتى كأنَّ تمامه لمحاقي

الصفحة 22