كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 3)

ولاح لنا وهنًا من الغور بارقٌ ... أضاءت به الآفاق لمَّا اضاليا
فقلت لصحبي حين عاينت ومضه ... وقد بلَّ بالعلل النسيم ردائيا
ـما في الَّتي لاحت لموسي بدت لنا ... من الطُّور أم أنوار موسي أماميا
/25 ب/ من الفضل آياتٌ له لو دعا بها ... إلى سبله أضحى إلى الحقِّ داعيا
ولو أنَّه يوماً تحدَّي بفضله ... لأعجز في الدُّنيا قريباً وقاصيا
لئن كان موسى ضلَّ طوراً بقومه ... فإن كمال الدين ما زال هاديا
له طور فكر من حجاه إذا ارتقي ... علي ظهره أضحي كليماً مناجيا
ولو أنَّه ألقيً عصاً من علومه ... علي سمع فرعون لما كان عاصيا
تسير العلا أنَّي سري في ركابه ... ويسعي إلى اكنافه العز ماشيا
ولو فر إنسانٌ من الموت هارباً ... إلى ظله أضحى من الموت ناجيا
وأنشدني أيضاً لنفسه؛ يمدح الملك الناصر صلاح الدين داود بن عيسي:
[من الطويل]
بآلاء ذا الملك الَّذي عمَّ نائله ... تبلَّج وجه الملك واشتدَّ كاهله
وسالم دهرٌ كان حرباً وأصبحت ... بداود عنَّا راحلات نوازله
وأقبلت العلياء تسري إلى فتًي ... جميل محيَّاه كريمٍ شمائله
من القوم مطعام العشَّية والضُّحي ... يعمُّ البرايا فرضه ونوافله
فيحيي ويردي جوده وانتقامه ... فبيضٌ أياديه وحمرٌ مناصله
/26 أ/ كذا الدَّهر يرجي منه للمعدم الغني ... وتخشي علي أهل النَّعيم غوائله
سما بحر هذا الملك فالحظُّ وافرٌ ... لداود منه حين شرَّف كاملة
تهنُّي به الدُّنيا وأنَّي لمثله ... يهنَّي به الشَّئ الَّذي لا يماثله
ولكنَّني هنيَّت كلَّ فضيلة ... بأكرم من تغشي الأنام فواضله
لسان نضالٍ أفحم النَّاس نطقه ... فما آمنٌ في العالمين يناضله
وذو حكم لو أنَّ سقراط في النذُهي ... مسائله هانت عليه مسائله
له سطواتٌ تملأ الأفق هيبةً ... وعارض جود طبَّق الأرض وابله
ففي كلِّ قلب خلَّف الرُّعب بأسه ... وفي كل شعب خلَّف الحمد نائله
ففي الحرب تِّهمي بالدِّماء سيوفه ... وفي السِّلم تهمي بالعطايا أنامله

الصفحة 39