كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 3)

ونحن في جنَّةٍ الحميًّا ... يسمح في دوحها الحمام
يدبر ماساتها علينا ... بدر الدُّجي زانه التمام
تسعي إلى السُّكر بعد سكرٍ ... فلا صلاةٌ ولا صيام
/28 أ/ وأنشدني لنفسه يمدح السلطان الملك الأشرف موسي بن أبي بكر بن ايوب: [من البسيط]
مالي وذكر الرُّبي والمنزل الحرب ... وترك ما رمت من لهو ومن طرب
لا أبتغي غير رشف الكأس تكرمةً ... من الزَّمان ولثم الواضح الشَّنب
من كفِّ راهبة في الوصل راغبةٍ ... تلين من رهبٍ طوراً ومن رغب
شمس تراءت لنا ليلاً علي غصنٍ ... كأنَّها طلعت صبحاً ولم تغب
ظلَّت مصفِّقةً بالرَّاح ما زال يعصمها ... من الخطوب فلم تفرع ولم تشب
حتَّى إذا كان منها غفلةٌ بررزت ... للنَّاس من خدرها في منظر عجب
زني بها الماء فاصفرَّت له خجلاً ... منا وبرقعتٍ الخدِّين بالحبب
رقت فلا جوهرٌ أمست ولا عرضاً ... وليس من فضة كانت ولا ذهب
حتّى تحيَّر فيها الواصفون فلم ... يحظ المبالغ في وصف ولم يصب
تخال أنَّك في الإسلام تشربها ... لو لم تمل برؤوس الشَّرب عن كئب
لولا تنصُّرها في الكأس ما سبيت ... وشدَّ راووقها الباقي إلى الصَّلب
ولا سعينا إلى الحانات تسلبها ... بالطَّاس لا بالمواضي والقنا السلب
/28 ب/ لكنَّها اعربت عن كفرها وغدت ... حرب الأعاجم في الإسلام والعرب
صالوا عليها، وصالت في عقولهم ... فليس ينفكُّ بعد النَّهب في نهب
تحكَّمت فيهم سكراً كما حكمت ... أشباع موسي علي الاعداء بالقضب
القائد الجيش كالآذيِّ يتبعه ... وسائق الجيش بالخطيِّ في العقب
وفتيةٍ سبقوا بالطَّعن اذ علموا ... أن التاخُّير لا ينجي من الهرب
المقدمون وفي الإقدام حتفهم ... يوم النزال كأنَّ الخير في العطب
لو أنَّهم جزعوا يوم الوغى حتفهم ... يوم النزال كأنَّ الخير في العطب
أبت تقرٌّ علي جسم رؤوسهم ... لو لم تقرَّ لك الهيجاء بالرُّتب

الصفحة 42