كتاب فيض الباري على صحيح البخاري (اسم الجزء: 3)

فائدة
واعلم أن ابن إدريس من أوداء مالك رحمه الله تعالى، وهو مِن أهل الكوفة، وما يقوله مالك من قوله: «بلغنا» فإنه يأخذ منه، وكذلك ما ينقله عن عمل عليِّ رضي الله عنه فإِنما يأخذه عن ابن إدريس هذا.

18 - باب الثِّيَابِ الْبِيضِ لِلْكَفَنِ
1264 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كُفِّنَ فِى ثَلاَثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَةٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ مِنْ كُرْسُفٍ، لَيْسَ فِيهِنَّ قَمِيصٌ وَلاَ عِمَامَةٌ. أطرافه 1271، 1272، 1273، 1387 - تحفة 16973 - 96/ 2
والأَحْسن بِحَسَب الألوان هو البياضُ.
1264 - قوله: (سَحُولية) قريةُ في اليمن.

19 - باب الْكَفَنِ فِى ثَوْبَيْنِ
1265 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَوَقَصَتْهُ - أَوْ قَالَ فَأَوْقَصَتْهُ - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِى ثَوْبَيْنِ، وَلاَ تُحَنِّطُوهُ وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا». أطرافه 1266، 1267، 1268، 1839، 1849، 1850، 1851 - تحفة 5437
وقَسَمُه الحنفيةُ على ثلاثةِ أنحاء: كَفن سُنَّة، وكِفاية، وضرورة، والثَّوبان هو الثاني، والتفصيل في الفِقْه.
1265 - قوله: (ولا تُخَمِّرُوا رَأْسَه). واعلم أنهم اختلفوا فيمن مات مُحْرِمًا (¬1).
فقال الشافعيّ رحمه الله تعالى: إنه لا يُخمَّر رَأسُه لأنه من محذورات إِحرامِه، فيراعي فيه سبيلُ الأَحْياء، وتمسك بهذا الحديث.
¬__________
(¬1) ونعم ما قال القاضي أبو بكر بن العربي في "العارضة" -ص (125) ج 4 - : ولو عَلِمنا أَنَّ إِحرامَ كُلِّ ميتٍ باقٍ، وأنهُ يُبعث يُلبي، لقلنا بمذهب الشافعيِّ رحمه الله تعالى في بقاء حُكم الإِحرام على كُل ميتٍ مُحْرم. والنبي - صلى الله عليه وسلم - إنما عَلَّلَ إِبقاء حُكْم الإِحرام عليه بما عَلِم: أنه يُبْعث وهو يلبي. وهو أمر مُغَيب، فلم يصحَّ لنا أن نَرْبط به حُكْمًا ظاهِرًا. اهـ. ومن العجائب ما ذكره ابنُ العربي في قصة حمزة رضي الله عنه فقال: إنها تدلُّ على أن الأصل في الشهداء. عدمُ الدَّفن، وإنما دفن النبي - صلى الله عليه وسلم - لأجل المصالح، وستأتي عبارته. قلت: ولو حَمَلها على ما حملها الشيخ رحمه الله تعالى لما احتاج إلى التزام هذه المسألة.

الصفحة 15