كتاب فيض الباري على صحيح البخاري (اسم الجزء: 3)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

23 - كتاب الجَنَائِز
1 - باب فِى الْجَنَائِزِ، وَمَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ
وَقِيلَ لِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَلَيْسَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ قَالَ بَلَى، وَلَكِنْ لَيْسَ مِفْتَاحٌ إِلاَّ لَهُ أَسْنَانٌ، فَإِنْ جِئْتَ بِمِفْتَاحٍ لَهُ أَسْنَانٌ فُتِحَ لَكَ، وَإِلاَّ لَمْ يُفْتَحْ لَكَ.
1237 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مَهْدِىُّ بْنُ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا وَاصِلٌ الأَحْدَبُ عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَتَانِى آتٍ مِنْ رَبِّى فَأَخْبَرَنِى - أَوْ قَالَ بَشَّرَنِى - أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِى لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ». قُلْتُ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ «وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ». أطرافه 1408، 2388، 3222، 5827، 6268، 6443، 6444، 7487 تحفة 11982 - 90/ 2
1238 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا شَقِيقٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ». وَقُلْتُ أَنَا مَنْ مَاتَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ. طرفاه 4497، 6683 - تحفة 9255
قوله: (من كان آخِرُ كلامِهِ لا إلهَ إِلا اللَّهُ ... ) إلخ. واعلم أن هذه الكلمةَ كلمةٌ إيمانٍ وكلمةُ أَذكارٍ فإِذا قالها الكافرُ ليدخل بها في الايمان فهي كلمة إيمانٍ، وإذا ذَكَر بها المسلم فهي ذِكْرٌ كسائر الأذكار. وعليه قوله صلى الله عليه وسلّم «أَفَضْلُ الذِّكْر لا إلهَ إِلا اللَّهُ». والموزونُ في حديثِ البِطَاقة عندي هو كلمةُ الذِّكْر دون الإِيمان (¬1). فإِنَّ الإِيمانَ لو وُزِن بالكفر فإِنَّه يقابِلُه، فلا يوزنُ بالأعمال. ولعلَّ اسمَ اللَّهِ يخرج من كَفَّة الأعمال عند الوزن، فإِن اسمَ اللَّهِ لا يُوزَن معه شيءٌ، وإِنه يَرْجُحُ الدنيا بما فيها. وإنما وُزِن لهذا المُسْرِف على نفسه ليرى أَهْلُ المَحْشَرِ وَزْنَه مرةً.
ولعل هذا الرجل قاله بنهايةِ الإِخلاص فنالَ حَظَّه منه كاملا، فإِنَّ الناس وإِن كانوا سواءَ في أَصْل الإِيمان إِلا أنهم يختلفون في التلبيس بتلك الكلمة على مراتب لا تُحصى. فإِنَّ التَّلبُّسَ بتلك الكلمة شيءٌ وراء الإيمان، وهذا التَّلبُّسُ كالتَّلَبُّس بالصلاة، كما عند أبي داود - ص 115: «أَنَّ الرجلَ لينصرفُ وما كُتِبَ له إِلا عُشْرُ صلاتِه، تُسْعُها، ثُمنُهها، سبعُها، سدسُها، خمسُها، رِبعُها، ثلُثُها، نصفُها»، وأظنُّ أن يكون مِن الناسِ مَنْ لا يكون له حظٌّ منها والعياذ بالله.
¬__________
(¬1) قلت وأتذكر أنه قال مرةً: إن الموزون كلمةُ إيمان، والإيمانُ وإن لم يكن موزونًا لكنه وزن لهذا الرجل خاصَّة ليعلم أن اسم الله تعالى ماذا وزنه، فغفر اللهُ لهذا الرجلِ، ويظهَر مِثل هذه العجائبِ كثيرًا في المَحْشَر.

الصفحة 3