كتاب فيض الباري على صحيح البخاري (اسم الجزء: 3)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

41 - كتاب الحَرْثِ والمُزَارَعَة
1 - باب فَضْلِ الزَّرْعِ وَالْغَرْسِ إِذَا أُكِلَ مِنْهُ
وَقَوْلِهِ تَعَالَى {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65)} [الواقعة: 63 - 65].
2320 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ح وَحَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلاَّ كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ». وَقَالَ لَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا أَبَانُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه 6012 - تحفة 1431

2 - باب مَا يُحْذَرُ مِنْ عَوَاقِبِ الاِشْتِغَالِ بِآلَةِ الزَّرْعِ أَوْ مُجَاوَزَةِ الْحَدِّ الَّذِى أُمِرَ بِهِ
2321 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ الْحِمْصِىُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِىُّ عَنْ أَبِى أُمَامَةَ الْبَاهِلِىِّ، قَالَ - وَرَأَى سِكَّةً وَشَيْئًا مِنْ آلَةِ الْحَرْثِ، فَقَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «لاَ يَدْخُلُ هَذَا بَيْتَ قَوْمٍ إِلاَّ أُدْخِلَهُ الذُّلُّ». أطرافه 2141، 2230، 2403، 2115، 2534، 6716، 6947، 7186 تحفة 4925
واعلم أن الحَرْثَ والمُزَارَعَةَ مِلاك العالم، لا يتمُّ نظامُهُ إلا به، ومع ذلك تَرِدُ الأحاديث في كراهته، فيتحيَّر منه الناظر. وما ذَكَرْنَاه في الحِجَامَةِ لا يَنْفَعُ ههنا، فإن الحجَّامَ الواحدَ يكفي لجماعاتٍ، بخلاف الحَرْثِ. وأُجِيبَ أن الأهمَّ في عهده صلى الله عليه وسلّم كان الجهادَ، والاشتغالُ بالحَرْثِ يُوجِبُ الاشتغال عنه، فذمَّه (¬1) لهذا. ثم إن مخالب السلطنة تَنْشَبُ بالمزارع، أكثر ممَّا تَنْشَبُ بالتاجر. وكذا المُزَارعُ يُحْرَمُ من الخير كثيرًا، فلا يَجِدُ فرصةً لاستماع الوَعْظِ، وصُحْبَةِ الصُّلَحَاء.
والحاصلُ: أن الشيءَ إذا دار بين خيرٍ وشرَ، لا يُحْكَمُ عليه بالخيرية مُطْلَقًا، أو الكراهةِ
¬__________
(¬1) يَقُولُ العبدُ الضعيفُ: إليه تُومىءُ ترجمةُ البخاريِّ: باب ما يُحْذَرُ من عَوَاقِب الاشتغال ... إلخ. فبوَّب أولًا بفضله، ثم حذَّر لِمَا فيه من العواقب السوأى، فقسَّم على الحالات، وحَمَلَ الأحاديثَ على مَحْمَلٍ مَحْمَلٍ.

الصفحة 543