كتاب قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر (اسم الجزء: 3)
فاغتم لها، وانتهت به الحال إلى أكل السلجم النّيء، فقيل: إنه قبض على فؤاده، فمات فجأة سنة خمس عشرة وثلاث مائة.
وقد تقدم ذكر الأخفش الكبير والأوسط في سنة خمس عشرة ومائتين (1).
1462 - [بنان الحمال] (2)
الشيخ الكبير الولي بنان الحمال، أبو الحسن، نزيل مصر وشيخها.
صحب الجنيد، وحدث عن الحسن بن محمد الزعفراني وجماعة.
وكان ذا منزلة جليلة، وأحوال جميلة وكرامات.
منها: أنه ألقاه بعض الخلفاء بين يدي الأسد في حال غضبه عليه، فصار الأسد يشمه ولم ينله بسوء، فقيل له: كيف كنت في وقت شمّ الأسد لك؟ قال: كنت أفكر في اختلاف العلماء في طهارة لعاب السباع.
ومنها: أنه قال له إنسان: ضاع لي قرطاس فيه تنزيل له صورة من المال، وسأله أن يدعو له بحفظه، فقال له: أنا رجل كبير، وأشتهي الحلوى، اشتر لي كذا وكذا منها، فاشترى له منها الذي طلب وأتاه به، فتناول منه شيئا يسيرا ثم قال له: اذهب بالباقي، وأطعمه صبيانك، فلما ذهب به إلى بيته .. وجد ذلك القرطاس الذي فيه الحلوى هو الذي ضاع له.
ومنها: أنه انبسط إلى إخوانه في شراء جارية، فوعدوه حتى يقدم النفر، فلما قدم النفر .. أجمع رأيهم على جارية أنها تصلح له، فكلّموا صاحبها في بيعها، فألحوا عليه، فقال: إنها ليست للبيع، إنها أهدتها امرأة من سمرقند للشيخ بنان الحمال، فحملت إليه.
توفي رحمه الله في شهر رمضان سنة ست عشرة وثلاث مائة، وخرج أكثر أهل مصر في جنازته.
_________
(1) انظر (2/ 415) ولم يترجم المؤلف رحمه الله للأخفش الكبير.
(2) «حلية الأولياء» (10/ 324)، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 488)، و «تاريخ الإسلام» (23/ 508)، و «العبر» (2/ 169)، و «الوافي بالوفيات» (10/ 289)، و «مرآة الجنان» (2/ 268)، و «شذرات الذهب» (4/ 76).